zena Super
عدد المساهمات : 101 نقاط : 126295 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 17/04/2011
| موضوع: فاطمة الزهراء وحسن المعاشرة في الاسرة الخميس سبتمبر 27, 2012 5:35 pm | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
انتقلت الزهراء عليها السلام من بيت أبيها النبي صلّى الله عليه وآله وسلم إلى بيت بعلها علي كرم الله وجهه ، ذلك البيت الذي تحفّه الرحمة ويغمره الايمان ، فتشكلت الاُسرة الطاهرة من سيدين درجا في أحضان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ونهلا من نمير علمه وخلقه العظيم ومكارم أخلاقه وكمالات نفسه الكريمة ، فكان علي كرم الله وجهه النموذج الكامل والقدوة الصالحة للرجل في الإسلام ، وكانت الزهراء رضي الله عنها سيدة نساء العالمين النموذج الكامل للمرأة في الإسلام .
وقد وجدت الزهراء رضي الله عنها نفسها وهي في بيت الإمام علي رضي الله عنه أمام وظائف جسيمة ، ومسؤوليات عظيمة ، فباعتبارها القدوة الحسنة والاُسوة المثلى للمرأة المسلمة ، كان عليها أن ترسم الطريق لمعالم البيت الإسلامي الأمثل في الإسلام ، وقد استطاعت وبكل جدارة أن تضرب أروع الأمثلة في طاعة الزوج ومراعاة حقوقه والاخلاص له ، والصبر على شظف العيش وقلة ذات اليد ، وفي القيام بمسؤوليات البيت وأداء واجبات الاُسرة في جوّ من المودة والصفاء والتعاون والوفاء ، وفي تربية الأولاد الصالحين ، بما ليس له نظير ، وفي ما يلي بعض معالم تلك الاُسرة الفريدة التي أنعم الله عليها بما يشاء .
الطاعة وحسن المعاشرة :
كانت الزهراء عليها السلام نعم الزوجة لاَمير المؤمنين عليه السلام ما عصت له أمراً وما خالفته في شيء ولا خرجت بغير إذنه ، وكانت تعينه على طاعة الله تعالى ، وتؤثره على نفسها ، وتدخل عليه البهجة والسرور ، حتى إنّه إذا نظر إليها انكشفت عنه الهموم والأحزان .
جاء في روضة الواعظين أن الزهراء عليها السلام قالت في مرض موتها لاَمير المؤمنين عليه السلام : « يا بن عم ، ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ، ولا خالفتك منذ عاشرتني » فقال عليه السلام : « معاذ الله! أنتِ أعلم بالله ، وأبرّ وأتقى وأكرم وأشدّ خوفاً من الله من أن أوبخك بمخالفتي » (1) .
وبالمقابل كان أمير المؤمنين عليه السلام نعم البعل للزهراء عليها السلام يغدق عليها من فيض حبّه وعطفه ، ويشعرها باخلاصه وودّه لها ، وما كان يغضبها ولا يكرهها على شيء قطّ ، وإن أرجف المرجفون على هذا البيت الطاهر بأراجيف شتى .
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : « والله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمرٍ حتى قبضها الله عزَّ وجلَّ . ولا أغضبتني ، ولا عصيت لي أمراً ، ولقد كنت أنظر إليها فتنكشف عنّي الهموم والأحزان » (2) .
وضربت الزهراء عليها السلام أروع الأمثلة في الصبر على ألم المعاناة من العمل في داخل المنزل حتى إنّها كانت تغزل جزة الصوف بثلاثة آصع من شعير .
عن تفسير الثعلبي : أن عليّاً عليه السلام انطلق إلى يهودي يعالج الصوف ، فقال له : « هل لك أن تعطيني جزةً من صوف تغزلها لك بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم بثلاثة آصع من شعير؟ » قال : نعم . فأعطاه الصوف والشعير . فقبلت فاطمة عليها السلام وأطاعت ، وقامت إلى صاع فطحنته وخبزت منه خمسة أقراص (3) .
وعن أنس ، قال : إنّ بلالاً أبطأ عن صلاة الصبح ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « ماحبسك؟ » فقال : مررت بفاطمة وهي تطحن والصبي يبكي ، فقلت لها : إن شئت كفيتك الرحا وكفيتني الصبي ، وان شئت كفيتك الصبي وكفيتني الرحال . فقالت : « أنا أرفق بابني منك » فذاك حبسني . قال : « رحمتها رحمك الله » (4) .
وفي مثل هذه الظروف القاهرة كانت عليها السلام لا تخرج منها غير كلمة الطاعة ، فحينما سألها أمير المؤمنين عليه السلام إطعام المسكين الذي طرق بيت الزهراء عليها السلام قالت :« أمرك سمعٌ يابن عمّ وطاعة * ما بي من لؤمٍ ولا وضاعة » (5)
ولا تتوانى ابنة الرسالة عن أداء مهامها في البيت طاعةً لزوجها على الرغم من حالة الفقر التي كانت تلفّ حياتها في بيت الزوجية ، حتى أن أمير المؤمنين عليه السلام رقّ لحالها من شدّة ما تعانيه من أتعاب منزلية.
أخرج السيوطي في مسند فاطمة عليها السلام عن هبيرة ، عن علي عليه السلام ، قال : « قلت لفاطمة عليها السلام : لو أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم تسأليه خادماً ، فإنّه قد جهدك الطحن والعمل . . ؟ » (6) .
وعن الحسين بن علي ، عن أبيه علي كرم الله وجهه ، أنّه قال لفاطمة رضي الله عنها : « اذهبي إلى أبيك صلى الله عليه وآله وسلم ، فسليه يعطيك خادماً ، يقيك الرحى وحرّ التنور . . » (7) .
وعن علي بن أعبد ، قال : قال لي علي عليه السلام : « ألا أُحدّثك عني وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكانت من أحبّ أهله إليه؟ » قلت : بلى .
قال عليه السلام : « إنّها جرّت بالرحى حتى أثّرت في يدها ، واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها ، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها ، وأوقدت القدرحتى دكنت ثيابها ، وأصابها من ذلك ضرّ ، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم خدمٌ ، فقلت : لو أتيت أباك فسألتيه خادماً ، فأتته فوجدت عنده حُدّاثاً فاستحيت فرجعت ، فأتاها من الغد ، فقال : ما كان حاجتك ؟ فسكتت ، فقلت : أُحدّثك يا رسول الله ، جرّت ندي عندي بالرحى حتى أثّرت في يدها ، وحملت بالقربة حتى أثّرت في نحرها ، وكنست البيت حتى أغبرّت ثيابها ، وأوقدت القدر حتى دكنت ثيابها ، فلمّا جاءك الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادماً يقيها حرّ ما هي فيه .
قال : اتقي الله يا فاطمة ، وأدّي فريضة ربك ، وأعملي عمل أهلك ، إن أخذت مضجعك فسبحي ثلاثاً وثلاثين ، وأحمدي ثلاثاً وثلاثين ، وكبّري أربعاً وثلاثين ، فتلك مائة ، فهي خير لك من خادم . فقالت : رضيت عن الله وعن رسوله ، ولم يُخدمها » (8) .
| |
|