تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 1
|
((يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ))، المراد به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، والمدثر أصله من "تدثر" - باب التفعل - أدغمت التاء في الدار، وجيء بهمزة الوصل لتعذر الابتداء بالساكن، والمدثر هو لابس الدثار، والدثار هو ما يلسبه الإنسان فوق الثوب الملاصق لجسده لأجل التدفئة، وفي مقابله الشعار وهو الثوب اللاصق بالبدن، يسمى به لأنه لاصق بشعر الإنسان، وقد روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أوحي إليه أخذته الرعدة من الهيبة، فقال لخديجة (عليها السلام): "دثريني،" فدثرته، فجاء النداء: "يا أيها المدثر."
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 2 |
((قُمْ)) من استراحتك ((فَأَنذِرْ)) الناس وخوفهم من العقاب إن تمادوا في الكفر والعصيان.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 3 |
((وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ))، أي كبر الله وعظمه وحده دون الأصنام.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 4 |
((وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ)) فإن المسلم عليه تطهير قلبه عن أدران الشرك بتكبير الله وحده، وتطهير ثيابه عن الأوساخ بتقصير ذيله حتى لا يتسخ وتنظيفه من النجاسات، وقد روي في معنى الآية: التطهير من النجاسة والتطهير بالتقصير، وذلك لأن المراد هو الأعم منهما، وفي الحديث: "قصر ثوبك يكون أتقى وأنقى وأبقى."
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 5 |
((وَالرُّجْزَ))، أي القذارة بأقسامها الشاملة للأصنام وللنجاسات الظاهرية ((فَاهْجُرْ))، أي ابتعد عنها.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 6 |
((وَلَا تَمْنُن)) في العطاء ((تَسْتَكْثِرُ))، أي تطلب الكثير بعدم المنية، فإن ما يراد به وجه الله يضاعف، أو المعنى لا تعط العطية تلتمس أكثر منها كما عن الباقر (عليه السلام)، أو لا تمنن بعطائك على الناس مستكثراً ما أعطيته.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 7 |
((وَلِرَبِّكَ))، أي لأجله سبحانه ((فَاصْبِرْ)) على أذى الكفار والمشركين.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 8 |
فإنه سيأتي يومهم الذي ينتقم فيه منهم، ((فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ))، أي نفخ في الصور، والنقر هو الضرب في الشيء، ومنه نقر الغراب، و"الناقور" فاعول بمعنى البوق لأنه ينقر فيه، فإن النفخ كالنقر.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 9 |
((فَذَلِكَ)) النقر ((يَوْمَئِذٍ))، أي يوم ينقر ((يَوْمٌ عَسِيرٌ)) صعب شديد.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 10 |
((عَلَى الْكَافِرِينَ)) بالله ورسوله وما جاء به من عنده ((غَيْرُ يَسِيرٍ))، أي غير سهل، فإن في ذلك اليوم يعذب الكافر، وهذه الجملة للتأكيد، وإفادة أن عسر ذلك اليوم إنما هو للكفار لا للمؤمن التقي.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 11 |
((ذَرْنِي))، أي دعني يا رسول الله ((وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا))، أي في حال كونه وحيداً لا مال له ولا أولاد، والمعنى أنا أكفيك شره وأنتقم منه جزاءا لتكذيبه.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 12 |
((وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا))، أي ذا مد وطول، فقد كان "وليد" الذي نزلت فيه هذه الآيات صاحب أموال كثيرة.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 13 |
((وَ)) جعلت له ((بَنِينَ))، أي أولاداً ((شُهُودًا))، أي حظوراً عنده، وهذه نعمة أخرى بأن يكون أولاد الإنسان عنده لا يغيبون عنه.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 14 |
((وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا))، أي هيأت له الأمور تمهيداً بأن صار ذا جاه في قومه، ومكانة في البلد، وهيأت له الأسباب.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 15 |
((ثُمَّ يَطْمَعُ)) هذا الشخص ((أَنْ أَزِيدَ)) ماله وأولاده.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 16 |
((كَلَّا)) لا أزيد بعد ذلك شيئاً له، فقد كفر بي، وأبدل مكان الشكر كفراناً، ((إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا))، أي معانداً لأدلتنا وحججنا، لا يؤمن بها عناداً ومضادة.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 17 |
((سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا))، أي سأكلفه مشقة من العذاب لا طاقة له بها، والصعود هي العقبة الشاقة المصعد، فإن من يكلف صعودها يشق عليه، فقد شبه العذاب بذلك للتقريب إلى الذهن.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 18 |
((إِنَّهُ))، أي الوليد ((فَكَّرَ)) حول القرآن ((وَقَدَّرَ)) القول فيه نفسه.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 19 |
((فَقُتِلَ)): دعاء عليه، أي قتله الله ((كَيْفَ قَدَّرَ))؟ تقديراً يوافق أهواء المكذبين وأذهان العامة، فإن الناس يسرعون إلى نسبة السحر إلى كل ما خرج عن طورهم، وهذا تعجب من تفكيره وتقديره.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 20 |
((ثُمَّ)) - للتراخي في الكلام لا في الخارج - ((قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ)): تكرير لشدة التعجب منه وإعادة الدعاء عليه.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 21 |
((ثُمَّ نَظَرَ)) في طلب ما يدفع به القرآن، والنظر هنا التفكر.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 22 |
((ثُمَّ عَبَسَ))، أي قطب وجهه وكلحه، ((وَبَسَرَ))، البسور بدو التكره في الوجه.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 23 |
((ثُمَّ أَدْبَرَ))، أي أعرض عن الحق، وأن يقول في القرآن ما علمه منه، ((وَاسْتَكْبَرَ))، فقد منعه كبره عن القول بالحق.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 24 |
((فَقَالَ إِنْ هَذَا))، أي ما هذا القرآن ((إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ))، أي يروى عن السحرة.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 25 |
((إِنْ هَذَا))، أي ما هذا القرآن ((إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ))، فليس وحياً منزلاً من السماء.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 26 |
ثم جاء السياق ليهدده لهذا الكلام المكذوب الذي افتراه، فإنه لو كان سحراً لقدر السحرة على الإتيان بمثله، ولقدر المشرعون في العالم على أن يضعوا قوانين شبيهة به، لكنه كلام الله، وقد علموا به، وإنما منعهم عن ذلك كبرهم وتمردهم. ((سَأُصْلِيهِ سَقَرَ))، أي سأدخله جهنم وألزمه إياها، فإن "الإصلاء" إلزام موضع النار.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 27 |
((وَمَا أَدْرَاكَ)) أيها السامع ((مَا سَقَرُ))، أي أنت لا تدري ما هي لشدة عذابها، حتى كأن الإنسان لا يمكن أن يعرفها على حقيقتها.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 28 |
((لَا تُبْقِي)) شيئا مما يطرح فيها، بل تأكل اللحم وتحرق الجلد والعظم، ((وَلَا تَذَرُ)): إما تأكيد أو بمعنى أنها لا تدعهم يفنون حتى ينجوا من العذاب، بل تحرق وتعيد وهكذا دواليك.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 29 |
((لَوَّاحَةٌ)) من التلويح، بمعنى تغيير اللون بواسطة الشمس ونحوها، ((لِّلْبَشَرِ)) جمع بشرة، وهي ظاهر الجلد.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة المدثر | 30 |
((عَلَيْهَا))، أي الملائكة الموكلون عليها ((تِسْعَةَ عَشَرَ))، وهذا أحد الأعداد الممكنة، ولا مجال لأن يقال: "لماذا ليسوا أكثر ولا أقل؟" فإن أي عدد كان محل هذا السؤال، كما أن في سائر الأعداد أيضاً لا إشكال، كثمانية أبواب للجنة وسبعة للنار وسبع سماوات طباقاً... وهكذا. |