منتديات سلام نيوز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

احبتنا زوار الموقع الكرام نود اعلامكم جميعا بان المنتدى مفتوحاً للجميع
لذلك فلا تبخلوا علينا بزيارتكم والتصفح ولو بالقراءة والدعاء

لا نريد ان نجبركم على التسجيل للتصفح نريدكم فقط ان استفدتم شيئاً من الموقع بان تدعو من قلبك لصاحب الموضوع والعاملين بالموقع وعند التسجيل يتوجب عليك تفعيل تسجيلك من الايميل و ان لم تستطع سيتم تفعيله من الإدارة خلال 24 ساعة
ودمتم بحفظ الله ورعايته
"خير الناس أنفعهم للناس"
و رمضان كريم لكم جميعاً
منتديات سلام نيوز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

احبتنا زوار الموقع الكرام نود اعلامكم جميعا بان المنتدى مفتوحاً للجميع
لذلك فلا تبخلوا علينا بزيارتكم والتصفح ولو بالقراءة والدعاء

لا نريد ان نجبركم على التسجيل للتصفح نريدكم فقط ان استفدتم شيئاً من الموقع بان تدعو من قلبك لصاحب الموضوع والعاملين بالموقع وعند التسجيل يتوجب عليك تفعيل تسجيلك من الايميل و ان لم تستطع سيتم تفعيله من الإدارة خلال 24 ساعة
ودمتم بحفظ الله ورعايته
"خير الناس أنفعهم للناس"
و رمضان كريم لكم جميعاً
منتديات سلام نيوز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأخبارأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  نظرة الإسلام في معاملة أهل الكتاب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
M_SallaM
Administrator
Administrator
M_SallaM


عدد المساهمات : 1700
نقاط : 254218
السٌّمعَة : 5
تاريخ التسجيل : 23/01/2011

  نظرة الإسلام في معاملة أهل الكتاب Empty
مُساهمةموضوع: نظرة الإسلام في معاملة أهل الكتاب     نظرة الإسلام في معاملة أهل الكتاب Emptyالإثنين فبراير 16, 2015 4:51 pm

 أولاً: ذكر الآية، وأقوال المفسرين فيها:

قال الله تعالى: ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8].

1- قال الطبري: واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الآية، فقال بعضهم:

أ- الذين كانوا آمنوا بمكة، ولم يهاجروا، فأذن الله للمؤمنين ببرّهم والإحسان إليهم. واستدلوا بقول مجاهد، في تفسيره هذه الآية قال: هم الذين آمنوا بمكة ولم يهاجروا.

ب- عني بها من غير أهل مكة من لم يهاجر. واستدلوا بما قاله عبد الله بن الزبير قال: نزلت هذه الآية في أسماء بنت أبي بكر، وكانت لها أمٌ في الجاهلية يقال لها قتيلة ابنة عبد العزّى(2)، فأتتها بهدايا، فقالت: لا أقبل لك هدية، ولا تدخلي عليّ حتى يأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك عائشة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله هذه الآية.

ج- عني بها مشركي مكة الذين لم يقاتلوا المؤمنين.(3)

ترجيح الطبري:

رجَّح الإمام الطبري: أن الآية عامة لكل من لم يقاتل المؤمنين -وهو الصحيح- فقال: (وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عني بالآية: جميع أصناف الملل والأديان؛ لأن الله -عزّ وجلّ- عمّ بقوله: ﴿الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ﴾ [الممتحنة: 8]. جميع من كان ذلك صفته، فلم يخصص به بعضًا دون بعض)(4).

2- قال ابن كثير: لا ينهاكم الله عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين، كالنساء والضعفة منهم، أن تحسنوا إليهم، وتعدلوا معهم(5) واستدل الإمام ابن كثير: بما روي عن أسماء -رضي الله عنها- قالت: قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا، فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله: إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصلها؟ قال: «نعم صلي أمك»(6).

3- قال القرطبي: هذه الآية: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ﴾ رخصة من الله تعالى في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم. قال ابن زيد: كان هذا في أول الإسلام عند الموادعة وترك الأمر بالقتال ثم نسخ.(7) وقيل: هي مخصوصة في حلفاء النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن بينه وبينه عهد لم ينقضه، قاله الحسن. وقال الكلبي: هم خزاعة وبنو الحارث بن عبد مناف. وقاله أبو صالح، وقال: هم خزاعة. وقال مجاهد: هي مخصوصة في الذين آمنوا ولم يهاجروا.وقيل: يعني به النساء والصبيان؛ لأنهم ممن لا يقاتل، فأذن الله في برهم.حكاه بعض المفسرين. وقال أكثر أهل التأويل: هي محكمة. واحتجوا بأن أسماء بنت أبي بكر سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-: هل تصل أمها حين قدمت عليها مشركة؟ قال: نعم. وقيل: إن الآية فيها نزلت. ومعنى: ﴿وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ أي تعطوهم قسطا من أموالكم على وجه الصلة. وليس يريد به من العدل، فإن العدل واجب فيمن قاتل وفيمن لم يقاتل، قاله ابن العربي.(8)

4- قال البغوي: لا ينهاكم الله عن بر الذين لم يقاتلوكم وعن العدل معهم. قال ابن عباس: نزلت في خزاعة كانوا قد صالحوا النبي -صلى الله عليه وسلم- على أن لا يقاتلوه ولا يعينوا عليه أحدًا، فرخص الله في برهم.(9)

5- قال الألوسي: لا ينهاكم سبحانه وتعالى عن البر بهؤلاء كما يقتضيه كون ﴿أَن تَبَرُّوهُمْ﴾ بدل اشتمال من الموصول ﴿وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ أي: تفضوا إليهم بالقسط أي العدل، فالفعل مضمن معنى الإفضاء ولذا عدي بـ (إلى) ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾: أي العادلين.(10)

6- قال الشوكاني: إن الله سبحانه لا ينهى عن برّ أهل العهد من الكفار الذين عاهدوا المؤمنين على ترك القتال، ولا ينهى عن معاملتهم بالعدل. واشترط الإمام الشوكاني: أن لا يظاهروا الكفار على المؤمنين.(11) أي: لا يتعاونوا مع الكفار على قتال المؤمنين وإخراجهم من ديارهم.

7- قال ابن الجوزي: اختلفوا فيمن نزلت هذه الآية ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ على خمسة أقوال: أحدها: أنها في أسماء بنت أبي بكر، وذلك أن أمها قتيلة بنت عبد العزىّ، قدمت عليها المدينة بهدايا، فلم تقبل هداياها، ولم تدخلها منـزلها، فسألت لها عائشة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنزلت هذه الآية، فأمرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تدخلها منزلها، وتقبل هديتها، وتكرمها، وتحسن إليها. قاله عبد الله بن الزبير. والثاني: أنها نزلت في خزاعة وبني مدلج، وكانوا صالحوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أن لا يقاتلوه، ولا يعينوا عليه أحداً، قاله ابن عباس. وروي عن الحسن البصري: أنها نزلت في خزاعة، وبني الحارث بن عبد مناف، وكان بينهم وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عهد، فداموا على الوفاء به. والثالث: نزلت في قوم من بني هاشم منهم العباس. قاله عطية العوفي ومُرَّة. والرابع: أنها عامة في جميع الكفار، وهي منسوخة، بقوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: 5] قاله قتادة. والخامس: نزلت في النساء والصبيان. حكاه الزجاج. قال المفسرون: وهذه الآية رخصة في صلة الذين لم يَنصِبوا الحرب للمسلمين وجواز برّهم، وإن كانت الموالاة منقطعة منهم. ومعاملتهم بالعدل فيما بينكم وبينهم.(12)

قلت: على افتراض أن نزول الآية كان خاصاً؛ إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وقد تقدم قول الإمام الطبري: أن الآية عامة في الإحسان إلى الكفار الذين لم يقاتلوا المؤمنين.

8- قال الرازي: لا ينهاكم الله عن مبرَّة هؤلاء، وإنما ينهاكم عن تولي هؤلاء، وهذا رحمة لهم لشدتهم في العداوة.(13)

فهنالك فرق بين البر والتولي للكفار غير المقاتلين، إذ البر يقتضي الإحسان إليهم، والعدل معهم، وأما التولي فيقتضي الحب والنصرة، والله قد أمرنا ببرهم والإحسان إليهم، لما تقدم في الآية السابقة، كما أنه سبحانه قد نهانا عن موالاة الكفار؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾ [الممتحنة: 13].وقد وصف الله من يتولهم بأنه من الظالمين فقال: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [التوبة: 23].

9- قال البقاعي: ولما كان الذين لم يقاتلوا المؤمنين ربما كانوا قد ساعدوا على الإخراج قال: ﴿وَلَمْ يُخْرِجُوكُم﴾ وقيد بقوله: ﴿مِّن دِيَارِكُمْ﴾ أي لا ينهاكم عن أن ﴿تَبَرُّوهُمْ﴾ بنوع من أنواع البر الظاهرة، فإن ذلك غير صريح في قصد الموادّة ﴿وَتُقْسِطُوا﴾ أي تعدلوا العدل الذي هو في غاية الاتزان، بأن تزيلوا القسط الذي هو الجور، وبيَّن أن المعنى: موصلين لذلك الإقساط. ﴿إِلَيْهِمْ﴾ إشارة إلى أن فعل الإقساط ضمن الاتصال، وإلى أن ذلك لا يضرهم، وإن تكفلوا الإرسال إليهم من البعد بما أذن لهم فيه، فإن ذلك من الرفق والله يحب الرفق في جميع الأمور.(14)

10- قال السمرقندي: لا ينهاكم الله عن صلة الذين لم يقاتلوكم في الدين،ولم يخرجوكم مّن دياركم أن تصلوهم وتعدلوا معهم بوفاء عهدهم. ﴿إنّ الله يحبّ المقسطين﴾ يعني: العادلين بوفاء العهد، يقال: أقسط الرجل،فهو مقسط إذا عدل. وقسط يقسط،فهو قاسط إذا جار.(15)

11- قال ابن عادل: لا ينهاكم الله عن أن تبروا هؤلاء الذين لم يقاتلوكم، إنما ينهاكم عن تولي هؤلاء وهم خزاعة، صالحوا النبي -صلى الله عليه وسلم- على ألاّ يقاتلوه ولا يعينوا عليه أحداً، فأمر ببرهم والوفاء لهم إلى أجلهم. وقوله: ﴿وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ أي: تعطوهم قسطاً من أموالكم على وجه الصلة، وليس يريد به من العدل، فإن العدل واجب فيمن قاتل وفيمن لم يقاتل.(16)

12- قال البيضاوي: لا ينهاكم الله عن مبرّة هؤلاء؛ لأن قوله: أن تبرّوهم بدل من الذين. وتفضوا إليهم بالقسط أي العدل.(17)

13- قال النسفي: تكرموهم وتحسنوا إليهم قولاً وفعلاً.(18)

14- قال النيسابوري: ولما نزلت الآيات من أول سورة الممتحنة تشدّد المؤمنون في عداوة أقاربهم وعشائرهم فنـزل: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ﴾ والمعنى: لا ينهاكم عن مبرة هؤلاء وإنما ينهاكم عن تولي هؤلاء. ومعنى ﴿وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ تعطوهم مما تملكون من طعام وغيره قسطاً. وعدّي بـ إلى لتضمنه معنى الإحسان.(19)

وهذا اللفظ في قوله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ﴾ قُصد به نفي ما كان عالقا بالأذهان -وما يزال عند البعض في زماننا- أن المخالف في الدين لا يستحق براً ولا قسطاً، ولا إحساناً في المعاملة. فبيَّن الله تعالى أنه لا ينْهَى المؤمنين عن ذلك مع كل المخالفين لهم، بل مع المحاربين لهم، المعتدين عليهم.

15- قال الزمخشري: لا ينهاكم الله عن مبرّة هؤلاء، وإنما ينهاكم عن تولى هؤلاء. وهذا أيضاً رحمة لهم لتشدّدهم وجدّهم في العداوة متقدّمة لرحمته بتيسير إسلام قومهم، حيث رخّص لهم في صلة من لم يجاهر منهم بقتال المؤمنين وإخراجهم من ديارهم.(20) 16- قال أبو السعود: لا ينهاكم الله عن البرّ بهؤلاء، وأن تعاملوهم بالعدل.(21)

17- قال الخازن: وتعدلوا فيهم بالإحسان إليهم والبر.(22)

18- قال ابن عاشور: البرّ: حسن المعاملة والإكرام، والقسط: العدل. ويؤخذ من هذه الآية جواز معاملة أهل الذمة بالإحسان وجواز الاحتفاء بأعيانهم.(23)

19- قال الشنقيطي: اختلف المفسرون في الآية على قولين:

القول الأول: إنها منسوخة، ثم نقل الشنقيطي قول أبي زيد المتقدم ذكره سابقاً.

القول الثاني: إنها محكمة قاله القرطبي ونقله عن أكثر أهل التأويل، ونقل من أدلتهم أنها نزلت في أم أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- جاءت إليها وهي لم تسلم بعد.(24)

وإذا رجعنا إلى عموم اللفظ نجد الآية صريحة شاملة لكل من لم يناصب المسلمين العداء، ولم يظهر سوءاً إليهم، وهي في الكفار أقرب منها في المسلمين، لأن الإحسان إلى ضعفه المسلمين معلوم بالضرورة الشرعية، وعليه فإن دعوى النسخ تحتاج إلى دليل قوي يقاوم صراحة هذا النص الشامل،وتوفر شروط النسخ المعلومة في أصول التفسير.

20- قال الشافعي: وكانت الصّلة بالمال، والبرّ، والإقساط، ولين الكلام، والمراسلة؛ بحكم اللّه غير ما نهوا عنه من الولاية لمن نهوا عن ولايته مع المظاهرة على المسلمين. وذلك: أنّه أباح برّ من لم يظاهر عليهم من المشركين، والإقساط إليهم. ونهى عن ولاية الّذين ظاهروا عليهم، وأخرجوهم من ديارهم.(25)

الخلاصة:

في هذه الآية دعوة للمسلمين بحسن المعاملة وبر من لم يظاهر على المسلمين، والإقساط إليهم، وتأليف القلوب بالإحسان إلى من أحسن إليهم، وعدم معاداة من لم يعادهم من الكفار، ومما يدل على ذلك ما جاء في آخر الآية في قوله تعالى: ﴿إنّ الله يحبّ المقسطين﴾. والمؤمن يسعى دائما إلى تحقيق ما يحبه الله.

ثانياً: أقوال الفقهاء والمحدثين في شرح الحديث:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تبدءوا اليهود ولا النّصارى بالسّلام فإذا لقيتم أحدهم في طريقٍ فاضطرّوه إلى أضيقه»(26).

1- نقل ابن حجر عن القرطبي قوله: لا تتنحّوا لهم عن الطّريق الضّيّق، إكرامًا لهم واحترامًا، وعلى هذا فتكون هذه الجملة مناسبة للجملة الأولى في المعنى، وليس المعنى إذا لقيتموهم في طريق واسع فألجئوهم إلى حرفه حتّى يضيق عليهم؛ لأنّ ذلك أذًى لهم وقد نهينا عن أذاهم بغير سبب.(27) فقيَّد الإمام القرطبي الطريق التي يُضَيَّق فيها على الكافر ولا يَتَنحَّى فيها المسلم بأنها الطريق الضيق التي يكون للكافر صدر الطريق، وفيها الاحترام والإكرام والتعظيم له.

2- قال النووي: لا يترك للذّمّيّ صدر الطّريق، بل يضطرّ إلى أضيقه إذا كان المسلمون يطرقون، فإن خلت الطّريق عن الزّحمة فلا حرج. وليكن التّضييق بحيث لا يقع في وهدة، ولا يصدمه جدار ونحوه.(28)

فَالشّرط عند الإمام النووي في التضييق على الكافر:

أ- سير المسلمين في الطريق.

ب- عدم الزيادة في التضييق حتى لا يسقط الكافر أو تنسد عليه الطريق؛ لأن الزيادة والمبالغة في التضييق من الإيذاء الذي نُهي المسلمون عنه.

3- قال ابن عبد الملك: يعني لا تتركوا لهم صدر الطّريق هذا في صورة الازدحام، وأمّا إذا خلت الطّريق فلا حرج.(29) فدل قوله على أن التضييق عليهم مقيد عند الازدحام.

4- قال المباركفوري: وإذا لقي أحدهم في الطّريق فلا يترك الطّريق له لأنّ فيه تعظيمًا لهم، فيلجئه إلى أضيق الطّريق بحيث لو كان في الطّريق جدارٌ يلتصق بالجدار، وإلّا فيأمره ليعدل عن وسط الطّريق إلى أحد طرفيه.(30)

5- قال المناوي: وإذا لقيتم أحدهم في طريق فيه زحمة فاضطروه إلى أضيقه بحيث لا يقع في وهدة ولا يصدمه جدار ونحوه، ومما يستفاد من تضييق الطريق على الكفار: ضيق مسلك الكفر وأنه يلجئ إلى النار.(31)

6- قال ابن الأمير الصنعاني: في الحديث دليلٌ على إلجائهم إلى مضيق الطّرق ووجوب ردّهم عن وسط الطّرقات إلى أضيقها إذا اشتركوا هم والمسلمون في الطّريق، فإن خلت الطّريق عن المسلمين فلا حرج عليهم. وأمّا ما يفعله اليهود في هذه الأزمنة من تعمّد جعل المسلم على يسارهم إذا لاقاهم في الطّريق فشيءٌ ابتدعوه لم يرو فيه شيءٌ وكأنّهم يريدون التّفاؤل بأنّهم من أصحاب اليمين فينبغي منعهم ممّا يتعمّدونه من ذلك لشدّة محافظتهم عليه ومضادّة المسلم.(32)

7- قال زكريا الأنصاري: يلزمنا إلجاؤهم لزحمتنا إلى أضيق طريق بحيث لا يقعون في وهدة ولا يصدمهم جدار، فإن خلت الطرق عن الزحمة فلا حرج.(33)

8- وقال في حاشية قليوبي وعميرة: ويلجأ وجوبًا، فيحرم إيثاره به لمن قصد تعظيمه، وإلاّ فلا.(34)

9- قال الشربيني: ويلجأ الذّمّيّ عند زحمة المسلمين إلى أضيق الطّرق بحيث لا يقع في وهدةٍ ولا يصدمه جدارٌ، أمّا إذا خلت الطّريق عن الزّحمة فلا حرج.(35)

10- قال الشوكاني: ألجئوهم إلى المكان الضيق من الطريق، وفي هذا دليل على أنه لا يجوز للمسلم أن يترك للذمي صدر الطريق، وذلك نوع من إنزال الصغار بهم والإذلال لهم.(36)

الخلاصة:

في هذا الحديث دليلٌ على إلجاء الكفار إن كانوا في صدر الطريق إلى أضيقها، لأنّ ترك صدر الطريق لهم إن كان المسلمون يسيرون فيه تعظيم لهم، فإذا تقابل المسلمون والكفار بالسير على الطريق فلا تكون السعة ووسط الطريق للكفار ويكون الضيق على المسلمين بل يستمر المسلمون في اتجاههم وسيرهم، ويجعلون الضيق على الكفار إن كان هناك ضيق عليهم. وهذا التضييق هو نوع من الإذلال لهم، ولما هم عليه من الكفر، مع مراعاة الحد في التضييق؛ لأنه إن زاد التضييق عن حده -كما قرره العلماء- تحول إلى الإيذاء والظلم، فلا يجوز لأحد من الناس أن يؤذيهم، فقد يؤتى المرء من قبل تفسير بعض النصوص التي تأمر بالإغلاظ دون الرجوع إلى فهم العلماء لها. قال الألوسي: ولعل الصحيح أن كل ما عده العرف تعظيماً وحسبه المسلمون موالاة فهو منهي عنه ولو مع أهل الذمة لاسيما إذا أوقع شيئاً في قلوب ضعفاء المؤمنين، ولا أرى القيام لأهل الذمة في المجلس إلا من الأمور المحظورة؛ لأن دلالته على التعظيم قوية وجعله من الإحسان لا أراه من الإحسان كما لا يخفي.(37)

ثالثاً: الجمع بين الآية والحديث:

1- إنَّ الآية الواردة في سورة الممتحنة عامة في الإحسان إلى الكفار غير المقاتلين، والحديث خاص في التضييق عليهم في الطريق، ولا تعارض بين عام وخاص كما هو مقرر في علم الأصول. قال الرازي في قوله تعالى: ﴿يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا بطانةً من دونكم لا يألونكم خبالًا ودّوا ما عنتّم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بيّنّا لكم الآيات إن كنتم تعقلون﴾ [آل عمران: 118] قال: فإن قيل: هذه الآية تقتضي المنع من مصاحبة الكفار على الإطلاق، وقال تعالى: ﴿لاّ ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم مّن دياركم أن تبرّوهم﴾ [الممتحنة: 8], فكيف الجمع بينهما؟ قلنا: لا شك أن الخاص يقدم على العام.(38)

2- التضييق على الكافر ليس على إطلاقه، وإنما بشروط ذكرها العلماء، وهذه الشروط ما يلي:

أ- التضييق على الكفار إنما يكون من المسلمين الذين يمرون في الطريق.

قال الشيخ: محمد بن عثيمين عند شرح هذا الحديث: (المعلوم أن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- ليس إذا رأى الكفار ذهب ليضيق عليهم الطريق! ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يفعل هذا مع اليهود في المدينة ولا أصحابه يفعلونه بعد فتوح الأمصار)(39).

ب- إذا كان الكفار يمشون في صدر الطريق.

ج- إذا كانت هنالك زحمة على المسلمين في الطريق.

د- أن لا يتضرر الكافر جسديا بسبب هذا التضييق، بحيث يخرج عن الطريق فيتضرر، أو يسقط في مكانٍ ما، أو يعترضه شيء يؤذيه، لأن هذا من الإيذاء المنهي عنه، وليس الأمر في هذا الحديث من قبيل الأمر بإيذائهم، بل من قبيل الأمر بعدم إكرامهم.

هـ - مراعاة الحد في التضييق بحيث لا تنسد عليه الطريق، ويتعذر سيره.

التضييق على أهل الكتاب ليس فيه تنفير لهم عن الإسلام:

ليس في هذا العمل تنفير للكفار عن الدخول في الإسلام، بل فيه إظهار لعزة المسلم، وأنه لا يذل لأحدٍ إلا لربه عز وجل، وفيه إذلال للكفار وما هم عليه من الكفر، وأنهم على الباطل، وأن المسلمين على الحق، والفرق واضح في شريعتنا بين أصحاب الحق والباطل، سواءً في أحكام الدنيا والآخرة، ومن هذه الفروق في الدنيا: التضيق على الكفار في الطريق، فهذه مسألة من مسائل الشريعة في معاملة أهل الكتاب في الطريق، وأفهامنا قد لا تُدرك أحياناً هذه المسألة إدراكاً شاملاً، ولا تستنبط جانب النفع للكافر في أن يعلم أنه على ضلال، وأنه بعيد عن الهدى والنور، وأنه لا يستحق الإذلال إلا من أذله الله تعالى، فقد يكون هذا سبباً في هدايته، وتمسكه بالإسلام حتى ينال التعظيم عند الله وخلقه.

تأليف قلوب أهل الكتاب إلى الإسلام:

إن الشريعة الإسلامية قد أجازت معاملة أهل الكتاب، والقسط والبر والإحسان إليهم ما داموا غير محاربين، وأباحت أكل ذبائحهم الجائز أكلها في شريعتنا، وأجازت نكاح نسائهم، والبيع والشراء. قال تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ [المائدة: 5]. والقرآن لا يناديهم إلا بـ ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾ [آل عمران: من الآية65] و﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ [النساء: من الآية47] يشير بهذا إلى أنهم في الأصل أهل دين سماوي، فبينهم وبين المسلمين روابط، تتمثل في أصول الدين الواحد الذي بعث الله به أنبياءه جميعا، وهو الإيمان بالله وحده. قال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى: 13].

والمسلمون مطالبون بالإيمان بكتب الله قاطبة، ورسل الله جميعا، لا يتحقق إيمانهم إلا بهذا: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 136].

وإذا جادل المسلمون أهل الكتاب فليتجنبوا المراء الذي يوغر الصدور، ويثير العداوات. قال تعالى: ﴿وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [العنكبوت: 46].

فهذه الأمور المتقدمة تشمل جميع أهل الكتاب حيث كانوا، غير أن المقيمين في ظل دولة الإسلام منهم لهم وضع خاص، وهم الذين يسمون في اصطلاح المسلمين باسم أهل الذمة، والذمة معناها: العهد. وهي كلمة توحي بأن لهم عهد الله وعهد رسوله في أن يعيشوا في ظل الإسلام آمنين مطمئنين. وقد شدد النبي -صلى الله عليه وسلم- الوصية بأهل الذمة وتوعد كل مخالف لهذه الوصايا بسخط الله وعذابه، فجاء في أحاديثه الكريمة، أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس منه فأنا حجيجه يوم القيامة وأشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأصبعه إلى صدره. ألا ومن قتل معاهداً له ذمة الله وذمة رسوله حَرَّم الله عليه ريح الجنة وإن ريحها لتوجد من مسيرة سبعين خريفا»(40).

وقد جرى خلفاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- على رعاية هذه الحقوق والحرمات لهؤلاء المواطنين من غير المسلمين. وأكد فقهاء الإسلام على اختلاف مذاهبهم هذه الحقوق والحرمات.

مضايقة الكافر في حال قيادته للسيارة:

لا يجوز للمسلم أن يحتج بهذا الحديث على مضايقة الكافر في حال السير على الخط بالسيارة، بحيث يحده حتى يلجئه إلى الخروج عن الطريق، مما قد يفضي إلى الإضرار به أو بسيارته، فإن هذا حرام وظلم، ولا يصح أن يقاس هذا على مضايقته في الطريق عند المرور بقدميه؛ لأن الضرر الجسدي هنا واقع في الأغلب، وقد يعُمُّ الضرر المسلم، وهو كذلك داخلٌ في الإيذاء والظلم، ولأن درء الخطر مطلوب للمسلم والكافر، وهذا حق من حقوق السير لهما،ولا يعني هذا أن تفتح للكافر الطريق، ويتنحى المسلم عنها، بل يتجه كل منهم في سيره. فحاصل الجواب: أن الظلم حرام كما أن إكرام الكافر حرام، إلا من جعل الله له حق الإحسان إليه.

والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.a
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نظرة الإسلام في معاملة أهل الكتاب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  حصريا البوم - تامر عاشور - ليا نظرة - 2011
» أدب الخلاف في الإسلام
» خلق الاستقامة في الإسلام :
»  شيخ الأزهر: الإسلام دين الدولة
» من قضاة الإسلام: محمد بن الحسن الشيباني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سلام نيوز :: المنتدى الإسلامى العام :: المنتدى الإسلامى العام-
انتقل الى:  
||~ أحصــآئيـآت كــآملة ~|| ?statistikleri