منتديات سلام نيوز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

احبتنا زوار الموقع الكرام نود اعلامكم جميعا بان المنتدى مفتوحاً للجميع
لذلك فلا تبخلوا علينا بزيارتكم والتصفح ولو بالقراءة والدعاء

لا نريد ان نجبركم على التسجيل للتصفح نريدكم فقط ان استفدتم شيئاً من الموقع بان تدعو من قلبك لصاحب الموضوع والعاملين بالموقع وعند التسجيل يتوجب عليك تفعيل تسجيلك من الايميل و ان لم تستطع سيتم تفعيله من الإدارة خلال 24 ساعة
ودمتم بحفظ الله ورعايته
"خير الناس أنفعهم للناس"
و رمضان كريم لكم جميعاً
منتديات سلام نيوز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

احبتنا زوار الموقع الكرام نود اعلامكم جميعا بان المنتدى مفتوحاً للجميع
لذلك فلا تبخلوا علينا بزيارتكم والتصفح ولو بالقراءة والدعاء

لا نريد ان نجبركم على التسجيل للتصفح نريدكم فقط ان استفدتم شيئاً من الموقع بان تدعو من قلبك لصاحب الموضوع والعاملين بالموقع وعند التسجيل يتوجب عليك تفعيل تسجيلك من الايميل و ان لم تستطع سيتم تفعيله من الإدارة خلال 24 ساعة
ودمتم بحفظ الله ورعايته
"خير الناس أنفعهم للناس"
و رمضان كريم لكم جميعاً
منتديات سلام نيوز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأخبارأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة )

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة )   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 1:56 pm

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة الفاتحة

1


((بسم الله الرحمن الرحيم))
أي أستعين بالله، ولم يقل: "بالله" تعظيما، فكأن الاستعانة بالاسم، والله
عَلَم له سبحانه، والرحمن والرحيم صفتان تدلان على كونه تعالى عين الرحمة،
فلا يُرهب جانبه، كما يُرهب جانب الطغاة والسّفاكين، وتكرير الصفة للتأكيد.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة الفاتحة

2

((الحمد لله رب العالمين))
فإنه هو الذي يستحق الحمد، لأن كل جميل منه، وكل خير من عنده، وهو رب
العالمين، الذي أوجدهم ورباهم. والتربية تُطلق على الإنشاء والاستمرار،
والعالمين إشارة إلى عوالم الكون من جن ومَلَك وإنسان وحيوان ونبات وجماد
وروح وجسد وغيرها.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة الفاتحة

3

((الرحمن الرحيم)) تكرارٌ للتأكيد، لإفادةَ أن الرب ليس طاغياً كما هو الشأن في غالب الأرباب البشرية.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة الفاتحة

4

((مالك يوم الدين)) الدين هو الجزاء، فيوم الدين: "القيامة"، والله مالك ذلك اليوم، لا يشرك فيه أحد، (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى).


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة الفاتحة

5

((إياك نعبد)) أي عبادتنا وخضوعنا لك، وقدَّم "إياك" لإفادة الحصر. ((وإياك نستعين))
أي نطلب الإعانة، فإنه هو الذي بيده كل شيء، فالاستعانة منه. والإتيان
بالتكلم مع الغير لإفادة كون المسلمين كلهم منخرطين في هذين السلكين: سلك
العبادة لله، وسلك الاستعانة.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة الفاتحة

6

((اهدنا الصراط المستقيم))
غير المنحرف، والهداية هو إرشاد الطريق، فإن الإنسان في كل آن يحتاج إلى
من يرشده ويهديه، وإن كان مهدياً، وحيث لم يذكر مُتعلق الصراط المستقيم، دل
على العموم، فالمسلم يطلب منه سبحانه أن يهديه الصراط المستقيم في العقدية
والعمل والقول والرأي وغيرها.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة الفاتحة

7

((صراط الذين أنعمت عليهم)) أنه تفسير ل: (الصراط المستقيم) أي الصراط المستقيم هو صراط الذين أنعمت عليهم، بهدايتهم من النبيين والأئمة والصالحين. ((غير المغضوب عليهم)) فإن من أنعم عليه بالهداية لا يكون مغضوبا عليه، ((ولا الضالين))
أي الضال المنحرف عن الطريق. والضال يمكن أن يكون مغضوبا عليه إذا كان عن
تقصير، ويمكن أن يكون غير مغضوب عليه إذا كان عن قصور. والمسلم يطلب من
الله تعالى أن لا يكون من هؤلاء ولا هؤلاء.


عدل سابقا من قبل همس الرموش في الأحد مايو 01, 2011 2:58 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كاتب الموضوعرسالة
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من188..193   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:33 pm


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

188


ثم إنتقل السياق الى تشريع آخر له مناسبة ما بـ "الأكل" الذي دار الكلام حوله في مسألة الصيام ((وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ)) بالغصب وما أشبه، وكان وجه ذكر كلمة "بينكم" أن الآكلين للغصب ونحوه يتآمرون بينهم في خفاء حتى يبرروا أكلهم ((وَتُدْلُواْ)) الإدلاء أي الإلقاء والإفضاء، أي تُلقوا ((بِهَا))، أي بتلك الأموال ((إِلَى الْحُكَّامِ)) جمع حاكم، بمعنى القضاة بعنوان الرشوة والهدية ليأخذوا جانبكم في أكل المال بالباطل ((لِتَأْكُلُواْ)) علّة "لتدلوا"، أي علّة إعطائكم الرشوة أن تأكلوا ((فَرِيقًا))، أي قسماً ((مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ)) بدون حق ((وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)) بأن أكلكم وإرشائكم باطل وإثم.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

189

مرت
أحكام كلها تحتاج الى التوقيت من صيام وإعتكاف ومحاكمات وغيرها فناسب أن
يأتي تشريع الأهلّة هنا مع الغض عما تقدم من أن المقصود بيان جملة من
الأحكام بعد بيان أصول التوحيد ((يَسْأَلُونَكَ)) يارسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((عَنِ الأهِلَّةِ))
وعن سببإختلاف الهلال في كل شهر من الهلال الى البدر ثم الى الهلالحتى
المحاق أو عن فائدة هذا الإختلاف ولماذا لم يكن القمر كالشمس في الإنتظام ((قُلْ)) يارسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في جوابهم ((هِيَ مَوَاقِيتُ)) جمع ميقات بمعنى الوقت والزمان ((لِلنَّاسِ)) في عبادتهم ومعاملاتهم ((وَ)) لـ ((الْحَجِّ))
فمن أقرض الى شهر أو باع ليقبض الثمن، أو يدفع الثمن بعد شهرين، أو أراد
الصيام والإفطار أو الحج في أشهره لابد وأن يكون له مَعْلَمْ يستند إليه
ولذلك جعل الله الأهلّة، وهذا الجواب ينطبق على السؤال بناءً على الوجه
الثاني في معنى "يسألونك" وأما بناءً على الوجه الأول وسؤالهم كان عن سبب
إختلاف الأهلّة فإن القرآن أعرض عن جوابهم لأن عقولهم ما كانت تتحمل الجواب
الفلكي، ولذا أعرض عن ذلك الى فائدة الأهلّة التي هم أحوج إليها، كما في
آية أخرى (يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين) حيث أعرض عن
جواب ماهيّة المنفق، أي محل الإنفاق لأن هذا هو الذي يترتب عليه الفائدة
وهم بحاجة إليه، وحيث ذكر الحج في الكلام إنتقل السياق الى ما كان يفعله
الجاهليون من أنهم إذا أحرموا لم يدخلوا البيوت من أبوابها وإنما يدخلونها
من ظهورها، فنهى عن ذلك، وفي هذا تلميح بأن السؤال عما لا يهمكم من
الأهلّة، مثل إتيان البيوت من ظهورها وكالأكل من القفا ((وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ))تدخلوا ((الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا)) بأن تنقبوا لبيوت وتدخلونها من النقب ((وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى)) من الله سبحانه بإتيان أوامره وإجتناب نواهيه ((وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا)) ولو في حال الإحرام ((وَاتَّقُواْ اللّهَ)) في أوامره ونواهيه ((لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))، أي لكي تفلحوا بالوصول الى السعادة الدنيوية والأخروية.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

190

وهنا
حكم آخر من أحكام الإسلام الكثيرة وهو القتال والجهاد، ولقد كان بين هذا
الحكم وبين "الحج" المتقدم مناسبة، إذ المشركون قد منعوا الرسول عن الحج
عام الحديبية، فكان على المسلمين أن يتهيّئوا للجهاد إن إقتضت الظروف ((وَقَاتِلُواْ)) أيها المسلمون ((فِي سَبِيلِ اللّهِ)) لا لحب السيطرة والغلبة كما هو شأن ملوك الدنيا وزعمائها بل في سبيل إعلاء كلمة الله التي فيها سعادة البشر ((الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ)) لا كل آمن، فمن ألقى سلاحه وسكن الى محله فإن في قتاله إيجاد فوضى وإضطراب لا داعي إليهما ((وَلاَ تَعْتَدُواْ))
إذا قاتلتم من قاتلكم فإن القتال قتال دفاع، فلا معنى للإعتداء وأنتم
مرتبطون بالله الذي تقاتلون لأجله فلا يصحّ الإعتداء من أمثالكم ((إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ)) فهم الذي يأمر بالعدل والإحسان، فكيف يحب من إعتدى وبغى.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

191

((وَاقْتُلُوهُمْ))، أي الذين يقاتلونكم ((حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ))، أي وجدتموهم ((وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ))، أي أخرجوكم من مكة كما أخرجوكم منها، فمن قاتلكم قتلتموه ومن أخرجكم من دياركم أخرجتموه جزاءً وِفاقا ((وَالْفِتْنَةُ)) التي أثاروها الكفار بتفتين المسلمين عن دينهم وإلقاء الإرتياب والشك في قلوبهم ليجلبوهم الى حظيرة الكفر بعد أن هداهم الله ((أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ))
فإن القتل يوجب ذهاب الدنيا والفتنة توجب ذهاب الدين، فمن تقاتلوهم لا
يستحقون عليكم أن يهرّجوا بأن المسلمين يشهرون السلاح فإنهم يستحقون القتل
لأنهم بدأوا بالقتال لأنهم فُتنوا، وروي أنها نزلت في مسلم قتل كافراً في
الشهر الحرام فعابوا المؤمنين بذلك، فبيّن سبحانه أن الفتنة التي تصدر من
الكفار أشد من القتل ((وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ))، أي لا تقاتلوا الكافرين أيها المسلمين ((عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ))، أي في الحرم ((حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ)) ويبدأوا بالقتال ((فَإِن قَاتَلُوكُمْ)) بدأوكم بالقتال في الحرم ((فَاقْتُلُوهُمْ)) هناك ((كَذَلِكَ)) الذي مرّ من وجوب قتال الكفار حيث وجدوا الىآخر ما ذُكر ((جَزَاء الْكَافِرِينَ)).


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

192

((فَإِنِ انتَهَوْاْ)) عن الكفر بأن أسلموا ((فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ)) يغفر سيئاتهم حتى ما ارتكبوها قبل إسلامهم من القتال فإن الإسلام يجبّ ما قبله ((رَّحِيمٌ)) بعباده المؤمنين.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

193

((وَقَاتِلُوهُمْ))، أي الكفار الذين يقاتلونكم لا لأجل القصاص فقط بل ((حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ)) بأن لا يُفتن المسلمون عن دينهم ((وَيَكُونَ الدِّينُ)) والطريقة ((لِلّهِ)) فلا يبقى منهج لسواه بأن ينتصر الحق على الباطل وهذان هما الغاية من إيجاب الدفاع ((فَإِنِ انتَهَواْ)) عن الكفر ((فَلاَ عُدْوَانَ))، أي تعدي بالدفاع والقتال ((إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ))
الباقين على كفرهم، أي فإذا إنتهى المعتدون عن الفتنة والتعرّض لدين الله
والتعرّض للمسلمين بالأذى والقتال فلا قتال معهم لأن القتال لا يكون إلا مع
الظالمين، وسميّ "عدواناً" تشبيهاً كما قال: (فمن إعتدى عليكم فاعتدوا
عليه بمثل ما إعتدى عليكم).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من194..198   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:34 pm


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

194


((الشَّهْرُ الْحَرَامُ)) وهو ذي القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب وسميّت هذه الأشهر حراماً لتحريم القتال فيها ((بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ))، أي بمقابل الشهر الحرام فمن إنتهك حُرمة الشهر الحرام بالقتال فيه حرم من المسلم فيه بل يقاتل ((وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ))
كما أن الجروح قصاص فمن إنتهك حرمة إقتصّ منه في نفس الشهر أو المكان الذي
إنتهك حرمته ولذا يُحارب المحارب في الحرم وفي الشهر الحرام ((فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)) لا أزيد من ذلك وسميّ إعتداء لأنه مثل الإعتداء فالتسمية إنما هي بالمجانسة ((وَاتَّقُواْ اللّهَ)) فلا تتجاوزوا الحدود ولا تبالغوا في القسوة والإنتقام ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)) فيأخذ بأيديهم في الدنيا ويسعدهم في الآخرة.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

195

((وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ)) فإن الجهاد يحتاج الى الإنفاق المجهّز للجيش وهو من أعظم السُبُل ((وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ))، أي لا تلقوا أنفسكم بأيديكم ((إِلَى التَّهْلُكَةِ)) بترك الإنفاق للجهاد حتى يتسلّط عليكم العدو ((وَأَحْسِنُوَاْ)) في إنفاقكم وجهادكم وسائر أموركم ((إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)).


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

196

ثم رجع السياق الى أحكام الحج الذي ألمح إليه فيما سبق لأن الحج كان في مقام صلح الحديبية وحج النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ))، أي إئتوا بها تماماً وكاملاً بإتيان مناسكهما قُربة الى الله تعالى لا لأجل رياء أو سمعة أو نحوهما ((فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ)) بأن منعكم مانع عن الحج بعدما أُحرمتم ((فَـ)) عليكم إذا أردتم التحلّل عن الإحرام أن تقدّموا أو تذبحوا ((مَا اسْتَيْسَرَ))، أي ما أمكنكم ((مِنَ الْهَدْيِ)) الذي قدمتموه الى الله، والهدي هو البقرة أو الإبل أو الغنم ((وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ)) وهو كناية عن التحلّل عن الأجسام، أي لا تحلقوا ((حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)) الذي قرّر في الشريعة من محل الحصى أو مكة أو منى كما فصّل في الفقه ((فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً)) لا يتمكن من أن لا يحلق ((أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ)) كانقمل رأسه فيتأذى من هوائه فلا يتمكن من عدم الحلق ((فَـ)) عليه إذا حلّق قبل أن يبلغ الهدي محلّه ((فِدْيَةٌ)) يقدّمها بدل حلقه ((مِّن صِيَامٍ)) ثلاثة أيام ((أَوْ صَدَقَةٍ)) لستة مساكين ((أَوْ نُسُكٍ))، أي شاة يذبحها لأجل تعجيله في الحلق ((فَإِذَا أَمِنتُمْ)) من العدو الصاد وكذلك شُفيتم من المرض وزال المانع ((فَمَن تَمَتَّعَ))، أي إستمتع بالطيب والنساء وسائر الملذّات التي يحرًمها الإحرام ((بِـ)) سبب إتيانه ((الْعُمْرَةِ)) فإن العمرة تنتهي سريعاً فتحلّ المحرّمات ((إِلَى الْحَجِّ))، أي تكون تمتعه بالملذات الى أن يُحرم للحج ((فَـ)) عليه ((مَا اسْتَيْسَرَ))، أي ما تمكّن عليه ((مِنَ الْهَدْيِ)) إبل أو بقر أو شاة يجب عليه ذبحها في منى أيام العيد ((فَمَن لَّمْ يَجِدْ)) الهدي ((فَـ)) عليه ((صِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي)) أيام ((الْحَجِّ)) من ذي الحجة ((وَسَبْعَةٍ)) أيام ((إِذَا رَجَعْتُمْ)) الى بلادكم ((تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ)) تكون بدلاً عن الهدي ((ذَلِكَ)) التمتع الذي يكون عمرته مقدمة على حجة فرض ((لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ))
من كان في أطراف الحرم من كل جانب إثني عشر ميلاً أو نحوه على خلاف، أما
من كان أهله حاضري المسجد الحرام بأن كان محله عند أقل من ذلك ففرصه
القِران أو الإفراد وفي كليهما يقدّم الحج على العمرة، والفرق بينهما أن
القِران يعقد إحرامه بسَوق الهدي دون المفرد ((وَاتَّقُواْ اللّهَ)) في أحكامه أيها المسلمون ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))
فلا تخالفوا أوامره ونواهيه والحج يشتمل على فرضين "عمرة" هي: الإحرام،
الطواف بالبيت، صلاة الطواف، السعي بين الصفا والمروة، والتقصير، و(حج) هو:
الإحرام، الوقوف بعرفات، الوقوف بالمشعر، الإفاضة الى منى، رمي جمرة
العقبة، نحر أو ذبح، حلق أو تقصير، طواف النساء، صلاة طواف النساء، السعي
بين الصفا والمروة، طواف الزيارة، صلاة طواف الزيارة، المبيت بمنى ليلة
الحادي عشر والثانية عشر، ورمي الجمار الثلاث يومي الحادي عشر والثانية
عشر، وقد أشار الشيخ البهائي الى هذه الأعمال في بيته المشهور:
أطرست للعمرة إجعل نهج أوو أرنحط رسطر مر: لحج


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

197

((الْحَجُّ)) في ((أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ))
أو أشهر الحج أشهر معلومات وهو شوال وذو القعدة وذو الحجة فلا يجوز تأخيره
منها كما كان الجاهلون يفعلون حيث يؤخرون الحج، ونزل فيهم (إنما النسيء
زيادة في الكفر) ((فَمَن فَرَضَ)) على نفسه ((فِيهِنَّ))، أي في هذه الأشهر ((الْحَجَّ فَـ)) ليعلم أنه ((لاَ رَفَثَ)) وهو الجماع ((وَلاَ فُسُوقَ)) وهو السباب والمفاخرة ((وَلاَ جِدَالَ)) قول: (لا والله) و(بلى والله) ((فِي الْحَجِّ))، أي في حال الإحرام ((وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ)) في الحج وغيره ((يَعْلَمْهُ اللّهُ))
ولعلّ ذكره هنا لكثرة إحتياج الحجاج بعضهم الى بعض في مختلف الشؤون
فأُريدَ التنبيه بأن كل خير يصدر من الإنسان إنما هو بعلم الله سبحانه
فيجازيه على ذلك ((وَتَزَوَّدُواْ)) من الحج زاداً للروح ((فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى))
وهو يحصل بكثرة هائلة في الحج حيث التجرّد والكف عن الملذات ومقامات
الشدائد والصعوبات، ويُحتمل أنها نزلت فيمن لم يكن يأخذ الزاد للحج بإدّعاء
أنه ضيف الله ثم ليستعطي في الطريق فأمر بأخذ الزاد فإنه قرين بالتقوى دون
الإستعطاء الذي فيه منقصة وذلة وحُرمة أحياناً ((وَاتَّقُونِ))، أي خافوني في أعمالكم فلا تغفلوا ولا تتركوا واجباً ((يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ))، أي ياأصحاب العقول.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

198

كانوا يتأثمون بالتجارة في الحج نزلت ((لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ)) بالإتجار فإنه ليس بمحرّم ((فَإِذَا أَفَضْتُم)) منها كما يندفع الماء نحو الوهاد فإن الحجاج يندفعون كالسيل ((مِّنْ عَرَفَاتٍ)) ((فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ)) وهو الموقف الثاني وقته بين طلوع الفجر وطلوع الشمس من يوم العيد ((وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ))، أي بإزاء هدايته سبحانه إياكم لدينه وما يُسعدكم في الدنيا والآخرة ((وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ))، أي قبل الهدي ((لَمِنَ الضَّآلِّينَ)) عن دينه

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من199..209   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:35 pm


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

199


((ثُمَّ أَفِيضُواْ)) من المشعر الى منى ((مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ)) من قبلكم إبراهيم (عليه السلام) وذريته ((وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ)) إطلبوا غفرانه وعفوه ((إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ))
هكذا يقتضي نُظم الآية لكن ورد أن قريشاً كانوا لا يقفون بعرفات ولا
يفيضون منه ويقولون نحن أهل حرم الله فلا نخرج منه فيقفون بالمشعر ويفيضون
منه، فأمرهم الله أن يقفوا بعرفات ويفيضوا منه كسائر الناس.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

200

((فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ))، أي أدّيتم أعمالك فإنّ المناسك جمع منسك وهو مصدر ميمي بمعنى العمل ((فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا))
فإنّ أهل الجاهلية كانوا إذا فرغوا من الحج يجتمعون هناك ويعدّون مفاخر
آبائهم ومآثرهم ويذكرون أيامهم القديمة وأياديهم الجسيمة فأمرهم الله أن
يذكروه عوض ذكرهم آبائهم، بل يجب أن يذكروه أكثر وأحسن من ذكر آبائهم فهو
المنعم الحقيقي الذي بيده كل شيء ومنه كل خير، وهنا يكون المجال واسعاً
لبيان نموذجين من الناس منهم من يريد الآخرة ومنهم من يريد الدنيا، ولذا
قال تعالى ((فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا))، أي إعطنا من نعيمها ورفاهها وسعادتها ولا يسأل نعيم الآخرة لأنه غير مؤمن بها إذ كان الحج قبل الإسلام عاماً للمعتقِد والمُنكِر ((وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ))، أي نصيب.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

201

((وِمِنْهُم))، أي من الناس ((مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا)) من وقى، أي إحفظنا من ((عَذَابَ النَّارِ)) فهو يسأل نعيم الدنيا ونعيم الآخرة ويتعوذ بالله من النار.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

202

((أُولَئِكَ)) يسألون خير الدنيا والآخرة ((لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ)) لأنهم يستحقون ثواب أعمالهم بخلاف الطائفة الأولى فإنّ كفرهم يمنع عن ثوابهم ((وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)) فلا يظن الإنسان الآخرة بعيدة فإنه لا تمر الأيام والليالي إلا والشخص دفين في التراب وإن طال عمره في الدنيا.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

203

((وَاذْكُرُواْ اللّهَ)) أيها الحجاج ((فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)) وهي أيام التشريق في منى ((فَمَن تَعَجَّلَ)) النفر الى مكة من منى ((فِي يَوْمَيْنِ)) بأن نفر يوم الثاني عشر ((فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ)) فإنه يجوز النفر بعد زوال الثاني عشر ((وَمَن تَأَخَّرَ)) في النفر فنَفَرَ في الثالث عشر ((فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)) فإنه يجوز كل من الأمرين ((لِمَنِ اتَّقَى)) الصيد في إحرامه وإلا فإن صاد وجب عليه النفر الثاني فلا يجوز أن ينفر في الثاني عشر ((وَاتَّقُواْ اللّهَ)) فيما أمركم ونهاكم ((وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)) الحشر هو الجمع والمعنى تُجمعون الى حكم الله وجزائه يوم القيامة.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

204

ثم يلتفت السياق الى الإنسان طالِحُهُ وصالِحُهُ، ويبيّن خصائص البشر، ليعطي درساً لمن أراد الصلاح والرشاد فيقول سبحانه ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ)) للباقته وفصاحته وكلامه المعسول فتستحسن كلامه وتصغي الى بيانه ((فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)) أما متعلّق بـ(قوله)، أي قوله في شؤون الدنيا معجب، أو متعلق بـ(يعجبك)، أي إن إعجابك إنما هو في الدنيا، والأول أقرب ((وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ))
كما هو شأن المنافقين أبداً فإنهم حيث يرون نفاقهم يظنون أن الناس مطّلعون
على سرائرهم فيؤكّدون بأنهم مخلصون وإنّ ما في قلبهم يطابق ما على لسانهم ((هُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)) الألدّ هو شديد الخصومة، والخصام جمع يعني أنه من أكبر خصمائك في الباطن.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

205

((وَإِذَا تَوَلَّى)) وأدبر وذهب من عندك ((سَعَى فِي الأَرْضِ)) من هنا الى هناك كما هو شأن المشاغِب المُفسِد ((لِيُفْسِدَ فِيِهَا)) بإثارة الفوضىوالإضطراب ((وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ))، أي الزراعة ((وَالنَّسْلَ))،
أي الأولاد والذرّيّة، فإن إثارة الفوضى يوجب خراب الزراعات لإشتغال أهلها
بالكفاح، وفناء النسل إذ الشباب دائماً يُقدمون على الحرب والجلاء ((وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ)).


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

206

((وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ)) في عملك فلا تُفسد ((أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ))، أي حملته عزّته وحميّته الجاهلية بأن يأثم لأنه لا يرضخ للحق ولا يعتني به ((فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ))، أي تمكينه جهنم جزاءً له ((وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ))،
أي محل القرار، وهذه الآيات نزلت في المنافقين أو في فرد خاص منهم يُسمّى
"الأخنس بن شريق" كان يُظهر المحبة بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)
ويُبطن الفساد والنفاق، ولعل وجه إرتباط هذه الآيات بالحج أن الكلام إنتهى
هناك حول من يفتخر بالآباء إعتزازاً بالنفس وهذا مثلهم في الإعتزاز
والإغترار.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

207

((وَمِنَ النَّاسِ))، أي بعض الناس ((مَن يَشْرِي))، أي يبيع فإنّ كلّاً من البيع والشراء يجيء بمعنى الآخر ((نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ))، أي لأجل طلب رضاه سبحانه ((وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ))
يرئف بهم فيجازيهم لعملهم الحسن، ولعل ذكر الرأفة لأجل أن هذا البيع يحتوي
على أخطاء وأضرار ففيه تنبيه الى أن الله رؤوف يجنّب البائع والأخطار
والأضرار، وهذه الآية نزلت في الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه
السلام) حين نام في فراش الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليلة الهجرة.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

208

وحين ذكر أن من الناس من هو منافق ناسب الإرشاد العام فقال سبحانه ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ)) باللسان ((ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ)) مع الله ورسوله في جميع أموركم ((كَآفَّةً))، أي جميعاً فاستسلموا للدين في جميع شؤونكم ((وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ)) بأن تخالفوا أمر الله سبحانه وتتبعوا أمر الشيطان وما يوحي إليه الهوى ((إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ))، أي عدو ظاهر لأنه يأمر بالمفاسد التي ترجع الى ذهاب دينكم ودنياكم.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

209

((فَإِن زَلَلْتُمْ)) تشبيه للذنب بمن يزلّ له قدم ((مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ)) الأدلة الواضحة على الحق ((فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ)) فلا يمتنع عليه العذاب والعقاب بمن زلّ ((حَكِيمٌ)) في فعله ليعفو عمن يشاء ويعذب من يشاء.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من210..216   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:37 pm


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

210


وهنا يعود السياق الى من يأخذخ العزة فيقول سبحانه ((هَلْ يَنظُرُونَ)) النظر بمعنى الإنتظار، أي هل ينتظر هؤلاء المنافقون ((إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ)) حتى يؤمنوا ويُقلعوا عن نفاقهم وكفرهم ((فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ))
ظُلل جمع ظُلّة وهي ما يُستظل به من الشمس، وسميّ السحاب ظُلّة لأنه
يُستظَل به من الشمس، والغمام هو السحاب، وقد كانت اليهود تزعم أنّ الله
ينزل في ظُلل من الغمام وكذلك ينزل الملائكة معه ولذا قال ((وَالْمَلآئِكَةُ)) عطفاً على "الله" ((وَقُضِيَ الأَمْرُ))، أي يوم يتغير الكون عن وضعه لا يبقى بعد مجال للتكليف فإنما هو يوم القيامة ((وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ))
ويكون ذلك اليوم يوم حساب وعقاب وثواب، لا يوم عمل وشغل، فالآية تشير الى
أساطير أهل الكتاب متهكماً ساخرا،ً ثم يهدّد ويوعد بأن الأمر يقضي فلا مجال
بعد للتكليف.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

211

وحيث أُشير الى أسطورة إسرائيلية، توجّه السياق الى تأنيب بني إسرائيل الذين كانوا يعاندون في إنكارهم للآيات ((سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ))، أي أعطيناهم أدلّة واضحة ومع ذلك عاندوا ولم يؤمنوا ((وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ)) كفراً فلا يؤمن بآياته ((مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) فليهيّء نفسه لعقابه.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

212

((زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا))،
أي الحياة القريبة مقابل الحياة البعيدة وهي الآخرة والتي زيّنها لهم هي
مجموعة عوامل بعضها حق وبعضها باطل، فإن الحياة خلقها الله جميلة تزيّن
نفسها كما أن الشيطان والنفس والهوى تزيّن الحياة لتصرف الناس عن الآخرة ((وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ)) حيث يرونهم منصرفين عنها مقبلين الى الآخرة -التي لا يعتقد هؤلاء الكفار بها- ((وَالَّذِينَ اتَّقَواْ)) من المؤمنين ((فَوْقَهُمْ))، أي فوق هؤلاء الكفار منزلة ومقاماً ورُتبة ((يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) لأنهم عملوا لها فأدركوا خيرها والكفار لم يعملوا فيبقون هناك سائلين ((وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ))
فالرزق في الدنيا ليس بالكفر والتوجّه إليها حتى يحرم أهل الآخرة منها بل
الرزق يصيب الكافر والمؤمن، فالمؤمن منعّم في الدنيا وفوق الكافر في
الآخرة.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

213

إن كل حركة إصلاحية لابد وأن تشق صفوف الناس المتصافقة على الفساد وهكذا كان بعث الأنبياء فقد ((كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ)) لمن آمن وأصلح ((وَمُنذِرِينَ)) لمن كفر وعصى ((وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ))
قيد توضيحي، إذ كل إنزال من الله بالحق وإنما أُكّد لمقابلته لسائر الكتب
التي ترسلها رؤساء الحكومات الى رعاياها فإن منها ما هو باطل ((لِيَحْكُمَ)) ذلك الكتاب ((بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ))
من أمور معاملاتهم وسائر معاشراتهم والإختلاف هنا لا ينافي كون الناس أمة
واحدة إذ وحدة الأمة تجتمع مع هذا النوع من الإختلاف ثم صار نفس الكتاب
محلاً لإختلاف الأمة فيه لكن هذا الإختلاف ليس عن واقع وشك لأن الكتاب واضح
بل عن حسد وبغي وطمع ((وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ))، أي في الكتاب بأن فسّره كلٌّ حسب نظره وهواه ((إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ))، أي الأدلة الواضحة على معاني الكتاب ((مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ))، أي الأدلة الواضحة على معاني الكتاب ((بَغْيًا بَيْنَهُمْ))، أي الإختلاف إنما نشأ من البغي والظلم والحسد التي حصلت بينهم ((فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ)) حقيقة وأرادوا إتباع أحكام الله واقعاً ((لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ))، أي للشيء الذي إختلفت الأمة فيه ((بِإِذْنِهِ))، أي بلطفه بهم حيث هداهم ((وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ))
أما معناه الإيصال الى المطلوب وهو ليس بواجب بالنسبة الى الجميع وأما
معناه أرائه الطريق، ومعنى "من يشاء" أنه لو لم يشأ لا يهدي أحد إذ الهداية
لا تكون إلا بإرسال الرُسُل، والأول أنسب بالسياق.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

214

ثم يسأل الله المؤمنين الذين وقعوا في متاعب هذا الخلاف حيث يحاربونهم الكفار لأجل أنهم إهتدوا بهدى الله ((أَمْ حَسِبْتُمْ))، أي بل حسبتم وظننتم أيها المسلمون ((أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ)) إعتباطاً وبلا مشقة وحرج ((وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ))، أي مضوا ((مِن قَبْلِكُم))،
أي لم يأتكم بعد إمتحان مثل إمتحان الأمم المؤمنة السالفة الذين ثبتوا
وصبروا تجاه الأحزان والكوارث وإنما قال "مثل" لأنهم صاروا مثلاً للصبر
وتحمّل المكاره ((مَّسَّتْهُمُ))، أي لمستهم ((الْبَأْسَاء)) الفقر ((وَالضَّرَّاء)) المرض والحرج ,اشباههما ((وَزُلْزِلُواْ))، أي حُرّكوا بأنواع المحن والبلايا ((حَتَّى)) وصل الحال الى أن ((يَقُولَ الرَّسُولُ)) لتلك الأمم ((وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ)) إستعجالاً للنصر الموعود وتمنيّاً للخلاص من الشدائد والمحن، فإستُدرك الأمر وأُجيب سؤالهم بأنه ((أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ))
وهذا جواب طبعي يقوله الرسول والمؤمنون كلما رأوا البلاء والمحن، وفي هذه
الآية تعبير المؤمنين وأنهم إنما يفوزون بسعادة الدنيا والآخرة بعد مثل هذه
الكوارث والمتاعب.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

216

ويأتي
هنا دور أسئلة وُجّهت الى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أجاب عنها
القرآن الكريم يجمعها الإنقلاع عن الملذات والصبر على الطاعة وبهذا يرتبط
السياق بما قبله حيث كان الكلام في معرض التضحية في سبيل العقيدة والإيمان
وما يأتي نوع من التضحية ((يَسْأَلُونَكَ)) يارسول الله ((مَاذَا يُنفِقُونَ)) في سبيل الله من أقسام الأموال ((قُلْ))
ليس لهم الإنفاق فإنه أي شيء كان يُقبل إذا كان المُنفَق عليه أهلاً كما
أنه لا يُقبل إذا كان المنفَق عليه غير أهل، فمعيار الإنفاق ليس ماهيّة
المنفِق وإنما شخص المنفَق عليه فـ ((مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَـ)) اللازم أن يكون ((لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ)) أقربائكم ((وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)) وأشباه ذلك مما يُقصد به وجه الله سبحانه ((وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ))إنفاق أو غيره ((فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ))
فيجازيكم بالخير خيراً، وروي أنها نزلت في "عمرو بن الجموح" وكان شيخاً
كبيراً كثير المال فقال: يارسول الله بماذا أتصدّق؟ وعلى مَن أتصدّق؟ فأنزل
الله هذه الآية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من216..219   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:38 pm


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

216


ويأتي
هنا دور أسئلة وُجّهت الى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أجاب عنها
القرآن الكريم يجمعها الإنقلاع عن الملذات والصبر على الطاعة وبهذا يرتبط
السياق بما قبله حيث كان الكلام في معرض التضحية في سبيل العقيدة والإيمان
وما يأتي نوع من التضحية ((يَسْأَلُونَكَ)) يارسول الله ((مَاذَا يُنفِقُونَ)) في سبيل الله من أقسام الأموال ((قُلْ))
ليس لهم الإنفاق فإنه أي شيء كان يُقبل إذا كان المُنفَق عليه أهلاً كما
أنه لا يُقبل إذا كان المنفَق عليه غير أهل، فمعيار الإنفاق ليس ماهيّة
المنفِق وإنما شخص المنفَق عليه فـ ((مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَـ)) اللازم أن يكون ((لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ)) أقربائكم ((وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)) وأشباه ذلك مما يُقصد به وجه الله سبحانه ((وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ))إنفاق أو غيره ((فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ))
فيجازيكم بالخير خيراً، وروي أنها نزلت في "عمرو بن الجموح" وكان شيخاً
كبيراً كثير المال فقال: يارسول الله بماذا أتصدّق؟ وعلى مَن أتصدّق؟ فأنزل
الله هذه الآية.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

216

ثم رجع السياق الى الآية السابقة التي فيها ذكر التضحية والزلزال ((كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ)) مع مَن تعدّى عليكم أو على العقيدة الصحيحة أو على الناس ((وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ)) تكرهونه ((وَعَسَى)) بمعنى "قد" وما بعده فاعله ((أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ)) والقتال من ذلك فإنه يوجب سيادتكم وسعادتكم ((وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ)) وترك القتال كذلك لما فيه من راحة الجسم وعدم إضطراب القلب لكنه شر لما فيه من زوال السيادة والعزة وتسلط الكفار والأجانب ((وَاللّهُ يَعْلَمُ)) ما فيه خيركم وشركم ((وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)).


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

217

بعث
رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بسريّة فإتُّفق إن قاتلت في شهر
رجب وهي تتردد في أن اليوم الذي حاربت فيه من جمادي أو رجب، وشهر رجب من
الأشهر الحرم، ولذا كثر صخب المشركين وأنه كيف يقاتل الرسول (صلّى الله
عليه وآله وسلّم) في شهر حرام وأتى وفدهم الى المدينة يسألون الرسول (صلّى
الله عليه وآله وسلّم) عن ذلك فنزلت هذه الآية ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ)) بدل شهر، أي يسألونك يارسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من القتال في الشهر الحرام ((قُلْ قِتَالٌ فِيهِ))، أي في الشهر الحرام ((كَبِيرٌ)) في نفسه لا يجوز ((وَ)) لكن ليس كُبر ذنبه مثل عِظَم ذنب ما تفعلونه أنتم أيها المشركون فـ ((صَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ))، أي المنع عنه لا يُسلم أحد ((وَكُفْرٌ بِهِ))، أي بالله سبحانه ((وَ)) صد عن ((الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)) لئلا يحج المسلمون ((وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ))، أي أهل المسجد الحرام ((مِنْهُ)) كما فعل المشركون بالنبي والمسلمين ((أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ)) فكيف تؤاخذون المسلمين بذنب مهما عظم وتنسون ذنوبكم التي هي أعظم منه ((وَالْفِتْنَةُ)) التي أنتم تُقيمون عليها من تفتين المسلمين عن دينهم وإغرائهم بالكفر بعد الإسلام ((أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ)) الذي صدر من المسلمين فإن القتل يفسد دنيا المقتول والفتنة تُفسد دين المفتتن وأخراه ((وَلاَ يَزَالُونَ))، أي لا يزال الكفار ((يُقَاتِلُونَكُمْ)) أيها المسلمون ((حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ)) الى الكفر ((إِنِ اسْتَطَاعُواْ)) أن يردّوكم ((وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ)) أيها المسلمون ((عَن دِينِهِ)) الى الكفر ((فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ)) في مقابل مَن إرتدّ ورجع حتى مات مؤمناً ((فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ)) والحبط هو الإنبطال والإفناء فلا حسنة لهم ولم ينتفعوا بإيمانهم السابق على الكفر ((فِي الدُّنْيَا)) فليس لهم إحترام المسلم وحقوقه ((وَالآخِرَةِ)) فلا يجزى بالجنة والثواب ((وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) الى الأبد.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

218

وهناك ظنّ أناس أن القاتل في رجب إن سَلِم من الإثم لم يكن له أجر لأنه إنتهك حُرمة الشهر الحرام فأنزل الله ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ)) بأن قطعوا ديارهم وأهليهم وخلفوا أموالهم لأجل أن يكونوا مع الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((وَجَاهَدُواْ))، أي أوقعوا أنفسهم في الجهد والتعب، وأوضح فرد له المقاتلة ((فِي سَبِيلِ اللّهِ)) لكسب مراضيه ((أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ)) يأملونها في الدنيا والآخرة ((وَاللّهُ غَفُورٌ)) ليغفر من زلّ و ((رَّحِيمٌ))
بعباده المؤمنين فلا ينقص أجورهم وإنما قال "يرجون" لأن الإنسان لا يدري
ما حاله في المستقبل وأنه هل يبقى على الإيمان والصلاح حتى يثأب أم يفتن في
دينه حتى يحبط عمله.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

219

((يَسْأَلُونَكَ)) يارسول الله ((عَنِ الْخَمْرِ)) وهي كل مُسكر وأظهر أفراده المسكر المتخذ من العنب ((وَالْمَيْسِرِ)) وهو القمار بجميع أصنافه والسؤال كان عن حكمها ((قُلْ)) يامحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ))، أي وِزر عظيم لما فيهما من الفساد الكبير ((وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ)) فإن الخمر تفيد اللذة والطرب وفي الإتجار بها ثمن وربح والقمار فيه لذة للاعب وربح للفائز ((وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا))
إذ الفساد الذي يسببانه في البدن والعقل والمال أكبر من اللذة والربح الذي
يحصل بسببهما بالإضافة الى العقوبة الأخروية التي تصيب الإنسان من جرائها،
((وَيَسْأَلُونَكَ)) يارسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((مَاذَا يُنفِقُونَ)) وهنا جاء الجواب طبق السؤال وأنه "ماذا" لا أنه "لمن" فقال ((قُلِ)) يامحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((الْعَفْوَ))،
أي الزائد من المال على النفقة فإنّ ما بقدر نفقة النفس والأهل لا يُنفق
تقديماً لواجبي النفقة على غيره وهذا الإنفاق مستحب لما دلّ على حصر الحقوق
الواجبة في أمور معدودة ((كَذَلِكَ))، أي هكذا يارسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فإن كذا تشبيه وإشارة والكاف الملحق بها اللام للخطاب ((يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ)) الأدلة المرتبطة بالتشريعات ((لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ))، أي لكي تتفكروا.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من220..225   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:40 pm


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

220


((فِي)) أمر ((الدُّنْيَا)) ((وَ)) أمر ((الآخِرَةِ))
فتجمعوهما في التفكير ثم ترون جمال الأحكام إذ التفكير في الدنيا فقط يوجب
شلل قسم من الأحكام فلماذا ينفق الإنسان -مثلاً- وهو بحاجة الى المال، كما
إنّ التفكير في الآخرة فقط يوجب شلل قسم آخر من الأحكام فإنها لا يصرف
جميع أمواله لتحصيل أجر الآخرة وهكذا سائر الأحكام فإنها لا يُعرف جمالها
إلاّ إذا إفتكر الإنسان في كلتا الحياتين وعرف المصلحتين ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى))
كيف يعاشرونهم فقد ورد أنه لما نزل (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي
أحسن) ذهب كل من عنده يتيم ليعزل اليتيم في مأكله ومشربه عن نفسه لئلاّ
يبتلي بماله واشتدّ ذلك عليهم فسألوا عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)
فنزلت ((قُلْ)) يارسول الله ((إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ)) بأن يصلح الإنسان أموال اليتيم ويعاشره معاشرة المصلحين بدون أجرة وعوض خير من عزلهم وطردهم ((وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ)) بأن تخلطوا أموالهم بأموالكم وتشاركون معهم بالنسبة وحفظ المقدار ((فَـ)) هم ((إِخْوَانُكُمْ)) في الإيمان والأخ يعاشر الأخ بالإصلاح والغبطة ((وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ)) فهو عارف بنيّة المخالطين للأيتام وأنهم يريدون لالمخالطة والإفساد وأكل مال اليتيم أو الإصلاح والتحفّظ على اليتيم حتى يبلغ ويرشد ((وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ))،
أي أوقعكم في العنت والمشقّة بالنسبة الى اليتيم بأن يوجب الإجتناب عن
أموالهم وإعتزال أموالكم عن أموالهم فحيث لم يفعل أنه ذلك رحمة بكم فلا
تأكلوا أموالهم فساداً وطمعاً ((إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ)) فهو يقدر -بعزته- من إعناتكم ((حَكِيمٌ)) لا يفعل إلا الصلاح وما تقتضيه الحكمة.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

221

ثم
إنتقل السياق الى فئة من أحكام الأسرة في النكاح والطلاق وشؤونها ولعل
الإرتباط العام بين هذه الآيات والآيات السابقة أنها إنتهت الى حكم اليتيم،
فاللازم بيان العش الذي يتربّى فيه فراخ الإنسان، وأنه كيف يلزم أن يكون
لينشأ الأولاد صالحين أصحاء جسماً وعقلاً وعاطفة ((وَلاَ تَنكِحُواْ)) أيها الرجال المسلمون النساء ((الْمُشْرِكَاتِ)) سواء كُنّ أهل كتاب أم لا فإنّ أهل الكتاب أيضاً مشركون كما قال سبحانه: (تعالى الله عمّا يُشركون) ((حَتَّى يُؤْمِنَّ)) ويدخلن في الإسلام ((وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ)) تلك المشركة لجمالها أو مالها أو حسبها أو نسبها ((وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ)) بناتكم أيها المسلمون ((حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ)) تزوّجوه بنتكم ((خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ)) ذلك المشرك ((أُوْلَئِكَ)) المشركات والمشركون ((يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ)) أما بالتبليغ وأما بحكم دينهم فإنّ جليس الإنسان إذا كان غير متدين لابد وأن يسري الى جليسه ((وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ))، أي غفران الذنوب ((بِإِذْنِهِ)) فالمسلمات والمسلمون حين أخذوا مبادئهم عن الله سبحانه لابد وأن يدعون بلسانهم أو بحكم دينهم الى الجنة ((وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ)) أحكامه ودلائله ((لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ))، أي لكي يتذكّرون ويتّعظوا ويرشدوا.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

222

((وَيَسْأَلُونَكَ)) يارسول الله ((عَنِ الْمَحِيضِ)) الحيض والمحيض بمعنى واحد وأنه هل يجوز مقاربة النساء في حالة الحيض أم لا ((قُلْ)) يامحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((هُوَ))، أي المحيض ((أَذًى)) قذر نجس أو مشقة ((فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ)) والإعتزال هو الإبتعاد عنهم و((وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ)) بالجماع ((حَتَّىَ يَطْهُرْنَ)) وينظفن عن الدم ((فَإِذَا تَطَهَّرْنَ)) عن الدم ((فَأْتُوهُنَّ)) جامعوهنّ ((مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ)) بمقاربتهنّ من الفرج الذي هو محل الدم ((إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ))
الذين يرجعون كثيراً عن ذنوبهم الى الندم والإستغفار بمعنى أنهم كلما
أذنبوا تابوا ورجعوا واستغفروا، ولعلّ ذكر التواب بمناسبة أنّ من زلّ فقارب
في المحيض يقبل الله توبته وإن تكرر منه إذا ندم ندماً حقيقياً وتاب توبة
نصوحاً ((وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)) بالماء عن الأقذار الباطنية والظاهرية أو بالإستغفار عن الذنوب.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

223

((نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ))، أي مزرعة ومحترث فكما يحرث الحارث البذر في الأرض كذلك يحرث الرجل في زوجته ((فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ)) وزرعكم ((أَنَّى شِئْتُمْ))
"أنّى" أما زمانية بمعنى أي وقت شئتم باستثناء أيام الحيض التي سبق أنها
لا يجوز وسائر ما استثنى من حال الصوم والإحرام وشبههما، وأما مكانية أي
إتيانها في قُبُلِها من خلفها أو قدّامها أو جانبها، وأما بمعنى الكيفية
باركة ونائمة وقائمة، أما أن يُراد السبيلان فبعيد عن سياق الآية ((وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ)) بالولد فإنه يبقى ذخراً لكم، أو قدّموا لأنفسكم بالطاعة حيث ذُكرت أوامر ونواهي ((وَاتَّقُواْ اللّهَ)) في أوامره ونواهيه ((وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ)) والملاقات هنا بمعنى أنه عليكم حساب الملاقي لملاقيه ((وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)) بأنهم يفوزون بكل كرامة.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

224

وناسب
قصة النساء حلف إبن رواحة حين حلف أن لا يدخل على ختنه ولا يكلمه ولا يصلح
بينه وبين إمرأته فكان يقول أني حلفت بهذا فلا يحلّ لي أن أفعله، فنزلت
الآية مما ناسب قصة العائلة والنساء التي سبقت وتأتي، فقال سبحانه ((وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً))، أي معرضاً ((لِّأَيْمَانِكُمْ)) بأن تحلفوا به ((أَن تَبَرُّواْ))، أي لئلا تبرّوا، أي تريدون بالحلف عدم البِر ((وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ))، أي وعدم التقوى وعدم الإصلاح، فإن هذه اليمين فاسدة لا تنعقد ((وَاللّهُ سَمِيعٌ)) لأيمانكم وأقوالكم ((عَلِيمٌ)) بأحوالكم ونيّاتكم.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

225

((لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ)) ولا يعاقبكم ((بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ))
دمع يمين، ويمين اللغو هو ما يجري على عادة الناس من قوله "لا والله"
و"بلى والله" من غير عقد على يمين يقتطع بها مال ولا يظلم بها أحد ((وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ))، أي بحنث يمين نويتم اليمين الحقيقية حين إجرائها ((وَاللّهُ غَفُورٌ)) يغفر الذنب ((حَلِيمٌ))
يحلم عن العصاة لعلهم يتوبوا، وتكرار كلمة غفور في كثير من الآيات لفتح
باب التوبة أمام العصاة الذين هم كثيراً ما يعصون عن شهوة ونزوات وهوى، فإن
الله سبحانه لا يسدّ عليهم باب التوبة وإن تكررت منهم المعاصي والذنوب.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من226..231   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:42 pm


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

226


ثم يرجع السياق الى أحكام الأسرة مع مناسبة للحكم مع الحِلف فيقول سبحانه ((لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ)) والإيلاء هو الحِلف على ترك وطئ المرأة على وجه الإضرار بهنّ ((تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ))
مبتدء لقوله "للذين"، أي توقف أربعة أشهر جائز للذين يُؤلون من نسائهم
وذلك لأن الرجل إن لا يطأ زوجته أربعة أشهر وبعد ما تمّ أربعة أشهر خيّره
الحاكم بين الوطي والكارة وبين الطلاق وإن إمتنع عن الأمرين حبسه ((فَإِنْ فَآؤُوا)) ورجعوا الى زوجاتهم بالوطي بعد الأشهر الأربعة ((فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ)) يغفر لهم بهذه الحِلف ((رَّحِيمٌ)) بهم.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

227

((وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ)) للطلاق ((عَلِيمٌ)) بالضوائر والنيّات.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

228

((وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ))، أي يصبرن ((بِأَنفُسِهِنَّ))، أي يحفظنها عن الزواج ونحوه ((ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ))
جمع قُرء وهو من ألفاظ الضد يُطلق على الحيض وعلى الطُهر، والمراد هنا
الطُهر فإذا طُلّقت المرأة في طُهر لم يواقعها فيه الرجل كان هذا الطُهر
وطُهران آخران بينهما حيض موجباً لإنتظار العِدّة فإذا رأت الدم الثالث
إنقضت عدّتها ((وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ))، أي يُخفين ((مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ)) من الولد ودم الحيض حتى يُبطِلنَ حقّ الرجعة في الطلاق الرجعي أو يستعجلن العِدّة ((إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)) يوم القيامة، فمن آمن بهما لابد وأن تستقيم حركاته وسكناته وأقواله وأفعاله، لأنه يعلم أنّ الله مطّلع عليه وأنه سوف يحاسبه ((وَبُعُولَتُهُنَّ))، أي أزواجهنّ المطلّقات الرجعيات ((أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ)) الى أنفسهم ((فِي ذَلِكَ))، أي زمان التربّص ((إِنْ أَرَادُواْ))، أي البعولة بردّهنّ ((إِصْلاَحًا))
لا إضراراً، وذلك أنّ الرجل كان إذا أراد الإضرار بإمرأته طلّقها واحدة
وتركها حتى إذا قرب إنقضاء عدّتها راجعها وتركها مدة ثم طلّقها أخرى وتركها
مدة كما فعل في الأولى ثم راجعها وتركها مدة ثم طلّقها أخرى، وهذا العمل
حرام وإن كان يثبت حكم الرجعة به ((وَلَهُنَّ))، أي حق النساء على أزواجهنّ ((مِثْلُ الَّذِي)) للأزواج ((عَلَيْهِنَّ)) فلكلٍّ على الآخر حقوق تتكافئ ((بِالْمَعْرُوفِ)) من العِشرة وسائر الأمور ((وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ)) زيادة ((دَرَجَةٌ)) فإنّ بيده الطلاق وله عليها الطاعة ((وَاللّهُ عَزِيزٌ)) ينفّذ أوامره ((حَكُيمٌ))
جعل أحكامه على طبق المصلحة والصلاح، ومن المحتمل أن يكون قوله تعالى
"ولهنّ مثل الذي عليهنّ" بيان حال العِدّة، أي إنّ لكل من الزوج والزوجة
حقاً على الآخر في حال العِدّة مع إنّ الرجل له فضيلة على المرأة بأنّ
الإختيار الى الزوج فقط.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

229

((الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ)) فإنّ للرجل أن يطلّق زوجته تطليقتين ((فَـ)) الواجب إذا راجعها بعد التطليقتين ((إِمْسَاكٌ)) وحفظ لها في حبالته ((بِمَعْرُوفٍ)) بالعِشرة الحسنة ((أَوْ تَسْرِيحٌ)) وطلاق ثالث ((بِإِحْسَانٍ)) بإعطائها حقوقها وعدم التعدّي، وفوق ذلك أنه يُحسن إليها جبراً لخاطرها المكسور ((وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ)) أيها الأزواج ((أَن تَأْخُذُواْ)) في حال الطلاق والإستبدال ((مِمَّا))، أي من الذي ((آتَيْتُمُوهُنَّ)) وأعطيتموهنّ من المهور ((شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا))،أي الزوجان ((أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ)) من حقوق الزوجية ((فَإِنْ خِفْتُمْ)) أيها الحكام ((أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ)) من حقوق الزوجية ((فَلاَ جُنَاحَ)) ولا حرج ((عَلَيْهِمَا))، أي على الزوجة في البذل وعلى الزوج في قبول البذل ((فِيمَا))، أي في الذي ((افْتَدَتْ)) الزوجة ((بِهِ)) من المال ((تِلْكَ)) الأحكام المذكورة هي ((حُدُودُ اللّهِ)) وأوامره ونواهيه ((فَلاَ تَعْتَدُوهَا)) ولا تجاوزوها بالمخالفة ((وَمَن يَتَعَدَّ)) منكم ويتجاوز ((حُدُودَ اللّهِ)) ويخالف أوامره و،واهيه ((فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)).


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

230

((فَإِن طَلَّقَهَا)) طلاقاً ثالثاً ((فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ)) الطلاق الثالث فإنها تُحرم عليه ((حَتَّىَ تَنكِحَ)) المرأة المطلّقة ثلاثاً ((زَوْجًا غَيْرَهُ)) ويسمى هذا الزوج محلّلاً ((فَإِن طَلَّقَهَا))، أي طلّق المرأة الزوج الثاني وانقضت عدّتها ((فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا))، أي على الزوجة والزوج الأول الذي طلّقها ثلاث طلقات ((أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا))، أي الزوجان ((أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ))
في حُسن الصحبة والمعاشرة وإن لم يظنّا صحّ الرجوع لكنه سبب للمعصية
والحاصل أنّ الحكم الوضعي الصِحّة وإن كان الحكم التكليفي الحُرمة كمن يغسل
يده النجسة بالماء المغصوب الذي يوجي طهارة يده لكنه فعل حراماً ((وَتِلْكَ)) المذكورات في باب الطلاق والنكاح ((حُدُودُ اللّهِ)) أوامره ونواهيه ((يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)) الأمور فإنهم هم الذين ينتفعون بهذه الأحكام.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

231

((وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ))،
أي قاربن تمام العدّة، وإنما عبّر بهذا التعبير لأن إنقضاء العدّة يعبّر
عنه بإنقضاء الأجل فما يقابله بلوغ الأجل إذا قاربه، إذ البلوغ الدقيق خارج
عن محاورة العُرف ((فَأَمْسِكُوهُنَّ))، أي إحفظوهنّ في حبالتكم بالرجوع إليهنّ في عدّة الرجعة ((بِمَعْرُوفٍ)) الذي يعرفه العقلاء والمتشرّعون من القيام بحقوق الزوجة ((أَوْ سَرِّحُوهُنَّ))، أي إتركوهنّ حتى تنقضي عدتهنّ ((بِمَعْرُوفٍ)) بإعطاء حقوقهنّ كاملة من غير إيذاء لهنّ ((وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ)) بأن ترجعوا إليهنّ ((ضِرَارًا)) بقصد الإضرار بهنّ لتطويل العدّة أو التضييق في النفقة -كما تقدّم- ((لَّتَعْتَدُواْ)) عليهنّ وتظلموهنّ ((وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ)) الإمساك بقصد الإضرار ((فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)) لأنه أساء بسمعته عند الناس وعرّض نفسه لعذاب الله وسخطه ((وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ)) أحكامه وأوامره ونواهيه ((هُزُوًا)) سخرية بأن تستخفّوا بها ((وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ)) حيث أنعم عليكم بكل نعمة، التي منها نعمة الزوجية التي تسكنون إليها وتقضون مآربكم بسببها ((وَ)) اذكروا ((مَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ)) فشرّفكم بتعليمكم الأحكام وإرشادكم الى ما يصلحكم ويهيّء لكم حياة سعيدة ((وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ))، أي بذلك الكتاب، وهذا أما صفة للكتاب أو جملة مستأنفة ((وَاتَّقُواْ اللّهَ)) غي أوامره ونواهيه ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) فلا يفوته عملكم ونيّتكم فلا تتعرضوا لسخطه وغضبه.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من232..235   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:43 pm


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

232


((وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ))، أي إنقضت عدّتهنّ -وذلك بقرينة "أن ينكحن"- ((فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ))، أي لا تمنعوهن ظلماً ((أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ))
الى الزوج السابق أو من تريد الزواج به فعلاً وسميّ زوجاً للأول وربما قيل
في وجه النزول أن معقل بن يسار عضل أخته جملاء أن ترجع الى الزوج الأول
وهو عاصم بن عدي حين طلّقها وخرجت من العدّة ثم أرادا أن يجتمعا بنكاح جديد
فمنعها من ذلك، ولو كان كذلك كان المراد بـ(أزواجهنّ) بالمعنى الأول فإنه
لا يحق لأحد أن يمنع المرأة الثيّبة في الرجوع الى زوجها بنكاح جديد ((إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ)) مما أباحه شرع الإسلام من شروط النكاح وآداب العِشرة ((ذَلِكَ)) المذكور من تحريم العَضل ((يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)) فإنّ من المؤمن يجتنب سخط الله ويبتغي رضاه ((ذَلِكُمْ)) الذي ذكرناه في باب الزواج ((أَزْكَى لَكُمْ)) أنمى لكم ((وَأَطْهَرُ)) لنفوسكم فإنّ في الزواج النسل والتحصّن وسير الحياة الى الأمام ((وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)) فإتّبعوا أوامره وإنتهوا عن زواجره.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

233

((وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ)) فإنّ الأم ترضع ولدها سنتين تامتين أربعة وعشرين شهراً ((لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)) التي ندب إليها الإسلام ومن العلماء من أوجب ذلك ((وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ))، أي الأب، وإنما عبّر بهذا التعبير إثارة للعاطفة له، فإنّ الأب قد وُلد له الولد فاللازم أن يحنو عليه ((رِزْقُهُنَّ)) الأدام والطعام ((وَكِسْوَتُهُنَّ)) اللباس ((بِالْمَعْرُوفِ))
لدى الشرع والعُرف من اللائق بحالها فإنّ على الأب أن يقوم بهذه الشؤون
مادامت الأم في الرضاع وقد إستفاد أكثر المفسّرين من هذه الجملة كون الكلام
حول الأم المطلَّقة وإلاّ فالرزق والكسوة على الزوج لأجل النكاح لا لأجل
الرضاع ((لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا))
فكلٌّ من الأب والأم يؤدي واجبه في حدود طاقته فلا تتحمّل الأم الرضاع بلا
بدل ولا ينتفع الأب بولده في المستقبل مجاناً، فسعة هذه أن ترضع ببدل،
وسعة ذاك أن يدفع الأجر لما يعود نفعه إليه ((لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا))
بأن تُرضع مجاناً وبلا عوض بإستغلال الأب عاطفة الأم تجاه الولد فلا ينفق
عليها، أو بمعنى أن الوالدة لا يُؤخذ منها الولدليُعطى للأجنبية غيظاً من
الأب عليها فتضرّر بفراق ولدها ((وَلاَ)) يُضارّ ((مَوْلُودٌ لَّهُ))، أي الأب ((بِوَلَدِهِ))
بأن تستغل الأم عاطفة الأب نحو الولد فتكلّفه أكثر من الكسوة والرزق قبال
رضاعها، أو يضرّ الأب بولده بأن يأخذه من الأم ويعطيه للأجنبية، فإن لبن
الأم أوفق بالولد، الأول أقرب الى السياق ((وَعَلَى الْوَارِثِ)) للأب إذا مات الأب ((مِثْلُ ذَلِكَ)) الرزق والكسوة للأم في حال رضاعها للولد، ولا يخفى أن أجر رضاع الصبي مما يرثه الصبي من أبيه لدى موت الأب ((فَإِنْ أَرَادَا))، أي الأب والأم ((فِصَالاً)) للولد عن الرضاع بأن يفطماه قبل الحولين ((عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ))
بأن تشاور الأبوان وتراضيا في فطام الولد قبل العامين وذلك لئلا يتضرر
الصبي إذا إستقلّ أحدهما بالفطام فإنّ الرضا المتعقّب للمشورة لا يكون إلا
إذا كان الإنفصال صلاحاً ((فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا))، أي على الأبوين في هذا الفطام ((وَإِنْ أَرَدتُّمْ)) أيها الآباء ((أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ)) بأن تستأجروا لهم مرضعات غير أنهاتهم ((فَلاَ جُنَاحَ)) ولا حرج ((عَلَيْكُمْ)) في ذلك ((إِذَا سَلَّمْتُم)) الى المُرضِعات ((مَّآ آتَيْتُم)) ووعدتم لهنّ من الأجر ((بِالْمَعْرُوفِ))،
أي تسليماً بالمعروف بدون نقصان ومطل ومنّ، وهذا شرط تكليفي لا وضعي، كما
هو كثير في القرآن الحكيم، لغاية الإلفات الى لزوم كون الأعمال عن صدق
وإخلاص وتقوى ((وَاتَّقُواْ اللّهَ)) في أعمالكم التي منها الأحكام السالفة حول الرضاع ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)) فلا يغيب شيء عنه ولا تخفى عليه خافية فلتكن أعمالكم حسب مراضيه وأوامره.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

234

((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ))، أي الرجال الذين يموتون ((وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا))، أي يخلفون زوجاتهم ((يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ))، أي يحفظن أنفسهنّ عن الزواج، ولعل في قوله إشارة الى أنّ النفس ولو كانت تطمح نحو الزواج لكن الواجب إصطبارها والتحفّظ عليها ((أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا)) ففي هذه المدة يجب عليها الحداد بترك الزينة والخطبة ((فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ)) وإنقضت المدة ((فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ)) أيها المسلمون ((فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ)) من الزينة أو الخطبة أو النكاح فإنها ترجع الى نفسها والناس مسلّطون على أنفسهم ((بِالْمَعْرُوفِ)) بأن لا تعمل منكراً ينافي الإسلام ((وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبيرٌ)) فيطّلع على أعمالكم ولا يفوته شيء من إطاعتكم ومخالفتكم.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

235

((وَ)) إذا كانت المرأة في العدّة فـ ((لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ)) أيها الراغبون في الزواج منهنّ ((فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء))
بأن تلمّحوا الى رغبتكم في الزواج منهنّ وتَعرضوا على ذلك تعريضاً وإشارة
من طرف خفي، لا تصريحاً فإنّ ذلك خلاف الجو الذي يحيط بالمرأة المعتدّة من
الربط الباقي بينه وبين زوجه الأول ((أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ)) بأن أضمرتم إرادة زواجهنّ بدون أن تصرّحوا أو تلمّحوا بذلك فإنّ الكناية اللفظية والإضمار القلبي لا جُناح فيهما ((عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ)) أيها الرجال ((سَتَذْكُرُونَهُنَّ)) وهنّ في العِدّة إرادة للزواج بهن ((وَلَكِن)) لا تُصرّحوا بالخِطبة و((لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا)) في الخلوة فتُبدوا رغبتكم في الزواج بهنّ في منأى من الناس ((إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا)) لالكناية والتلميح لا بالتصريح وذكر ما يقبح ذكره كما كانت عادة بعض الناس ((وَلاَ تَعْزِمُواْ))، أي لا تقصدوا ((عُقْدَةَ النِّكَاحِ))، أي إجراء الصيغة التي هي كعُقدة تعقد النكاح بين الجانبين، وقد نهى عن العزم على ذلك مبالغة، كقوله (ولا تقربوا مال اليتيم) ((حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ)) الذي كتبناه في باب العِدّة من أربعة أشهر وعشراً ((أَجَلَهُ))، اي أمده، بأن تنقضي العِدّة ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ)) من عزم النكاح فكيف بما تُسرّون به من نكاح المعتدّة سراً ((فَاحْذَرُوهُ)) أن تخالفوه ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ)) يستر عاجلاً فلا يغرّنّكم ستره ((حَلِيمٌ)) فلا يعجل بالعقوبة فلا يسبب ذلك جرأتكم على إنتهاك حراماته.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من236..243   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:45 pm


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

236


وبعد
بيان حكم موت الزوج، يأتي حكم الطلاق، والطلاق إن كان قبل الدخول ولم
يُذكر في العقد مهر فللمرأة المتعة، وإن كان قبل الدخول وذُكر المهر
فللمرأة نصف المهر ((لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ)) أيها الأزواج ((إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ)) بالدخول ((أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً))
"أو" بمعنى الوار، أي لم يكن شيء من الأمرين لا المس وإلا المهر، ويسمى
المهر فريضة لأنه يجب إذا سمّي، والمعنى أنه يُباح الطلاق قبل المس والفرض،
فلا يتوهم أحد أن النكاح لأجل الوطي فكيف يصح الطلاق قبله ((وَمَتِّعُوهُنَّ))، أي إعطوهنّ المتعة وهي ما تتمتع به المرأة ويوجب تعويضاً يجبر خاطرها الكسير ((عَلَى الْمُوسِعِ))، أي الغني يُقال أوسع الرجل إذا أكثر ماله ((قَدَرُهُ)) من دار أو خادم أو نحوهما ((وَعَلَى الْمُقْتِرِ))، أي الفقير يُقال أقتر الرجل إذا إفتقر ((قَدْرُهُ)) كخاتم أو درهم أو نحوهما ((مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ)) ليس فيه إسراف ولا تقصير ((حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ)) الذين يُحسنون طاعة الأوامر والإنتهاء عن الزواجر.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

237

((وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ)) طلاقاً قبل الدخول ((وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً)) بأن عيّنتم في النكاح المهر ((فَـ)) عليكم أن تدفعوا الى المرأة ((نِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ)) نصف المهر هذا هو الحكم الواجب ((إَلاَّ أَن يَعْفُونَ))، أي تعفي المرأة عن نصفها فلا تأخذ شيئاً وتهب ما لها الى الزوج ((أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ))
يمكن أن يُراد به الزوج بأن يعفوا الزوج عن نصفه فيعطي للمرأة جميع مهر
المرأة، وروي أن المراد عفو ولي الزوجة فيما كان لها ولي مفروض كالصغيرة أو
موكّل من قِبَلها في الكبيرة ((وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)) فإن من يترك حق نفسه تبرعاً أقرب الى التقوى بأن تبقى معصية الله فلا يطلب ما ليس له ((وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)) بأن يتفضّل بعضكم على بعض فيتنازل عن حقوقه لأجل صاحبه ولعل الفرق بين العفو والفضل أن العفو هبة جميع حقوقه والفضل هبة بعضها ((إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)) فيجازيكم على أعمالكم إن حسناً وإن سيئاً.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

238

إن
القرآن الحكيم دائماً يلطّف أجواء الأحكام بتلميحالى قدرة إله الكون
وعظمته ورحمته وغفرانه ونحوها ليسمو بالنفس ويربط الحكم بالخالق حتى يكون
أقرب الى التنفيذ، ولما طالت آيات الأحكام وبالأخص ما له جو كابت حزين من
طلاق وموت ونحوهما أتت آيات الصلاة متخلّلة بينها لتشع في النفس الطمأنينة
والهدوء (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) مع مناسبة لهذه الآيات مع الجو العام
لما قبلها وبعدها حيث تعرضت لصلاة الخوف والمطاردة، هذا ما أحتمله أن يكون
سبباً لذكر هذه الآيات هنا متوسطة أحكام الموت والطلاق ((حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ)) كلها ((والصَّلاَةِ الْوُسْطَى))
خاصة وهي صلاة الظهر لأنها تتوسط بين النهار، فإنّ الرسول (صلّى الله عليه
وآله وسلّم) كان يصلّيها بالهاجرة في مسجد مكشوف فكانت أثقل صلاة عليهم
ولذا لم يكن يحضرها إلا الصف والصفان فقط، كما ورد عن بعض الصحابة ((وَقُومُواْ)) أيها المسلمون ((لِلّهِ قَانِتِينَ))، أي داعين فإنّ القنوت هو الدعاء، ومنه القنوت في الصلاة والمراد أما القنوت في الصلاة أو مطلقاً.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

239

((فَإنْ خِفْتُمْ)) فلم تتمكنوا من المحافظة على الصلاة بشرائطها وآدابها، حيث إبتليتم بالعدو الذي لا يسمح لكم بالصلاة الكاملة ((فَـ) صلّوا ((رِجَالاً)) جمع راجل أو مشاة ((أَوْ رُكْبَانًا)) جمع راكب، أي على ظهور دوابكم ((فَإِذَا أَمِنتُمْ)) من الخوف ((فَاذْكُرُواْ اللّهَ)) صلاة كاملة ((كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ)) من أمور دينكم ودنياكم.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

240

ثم رجع السياق الى تتمة الأحكام السابقة بعد ما أشعث في النفس الإطمئنان وندى الجو بذكر الصلاة ((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا))
"يتوفّون" مجاز بالمشارفة، فإنه كثيراً ما يعبّر عمن شارف أمراً بالداخل
فيه، كما يعكس كثيراً فيعبّر عن الداخل بالمشارف، نحو (ولا تقربوا مال
اليتيم) و(لا تعزموا عقدة النكاح) فالمراد الذين يقاربون الوفاة، ولهم
زوجات فمن الأفضل أن يوصوا ((وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم)) بأن يمتّعهنّ الوصي ((مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ)) فيعطي النفقة والكسوة إليهنّ الى سنة كاملة ((غَيْرَ إِخْرَاجٍ))، أي في حال كونهن غير مخرجات إخراجاً عن بيوت أزواجهنّ ((فَإِنْ خَرَجْنَ)) عن رغبتهنّ ((فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ)) أيها الأولياء ((فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ)) بالزواج والزينة بعد إنقضاء عدّة الوفاة -وهي أربعة أشهر وعشرا- فإنّ قبل ذلك لا يكون معروفاً بل منكراً ((وَاللّهُ عَزِيزٌ)) فيحكم بمقتضى عزّته وسلطته ((حَكِيمٌ)) لا يحكم إعتباطاً بل عن مصالح وعلل، وهذه الآية حسب ما ذكرنا لها من المعنى لا تكون منسوخة بآية (أربعة أشهر وعشرا).


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

241

((وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ)) يمتّعهنّ الأزواج بشيء سواءً كُنّ واجبة النفقة أم لا ((بِالْمَعْرُوفِ)) فإنّ ذلك يسبب رفع الغضاضة ((حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)) الذين يتّقون مخالفة أوامر الله سبحانه إيجاباً كانت أو ندباً.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

242

((كَذَلِكَ)) الذي بيّن الله لكم الأحكام ((يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ))، أي لكي تعقلوا آياته وأحكامه.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

243

ومن
جو الأسرة وإمتدادها وإنقطاعها ينتقل السياق الى قصة الحياة والموت التي
تشبه قصة الأسرة في كونها إمتداداً للحياة العائلية وإنقطاعاً لها في قصة
عجيبة هي: أن أهل مدينة من مدائن الشام كانوا سبعين ألف بيت هربوا من
الطاعون فمرّ,ا بمدينة خربة قد جلا أهلها عنها وأفناهم الطاعون فنزلوا بها
فأماتهم الله من ساعتهم جميعاً وصاروا رميماً يلوح فمرّ بهم نبي من أنبياء
بني إسرائيل يُقال له "حزقيل" فبكى وإستعبر وقال: "يارب لو شئت لأحييتهم
الساعة كما أمتّهم، فعمروا بلادك وولدوا عبادك وعبدوك مع من يعبدك،" فأوحى
الله إليه أن يقول الإسم الأعظم، فقاله عليهم فعادوا أحياءاً ينظر بعضهم
الى بعض يسبحون الله ويكبرونه ويهللونه ((أَلَمْ تَرَ))
إستفهام تقريري، أي ألم تعلم فإنّ الروية تأتي بمعنى العلم كقوله (رأيت
الله أكبر كل شيء) وقد يُستفهم بمثل هذا الإستفهام لإيجاد العلم ((إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ)) سبعون ألفاً كما تقدّم ((حَذَرَ الْمَوْتِ)) وفراراً من الطاعون ((فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ)) فأماتهم حيث ظنوا الهرب ((ثُمَّ أَحْيَاهُمْ)) بدعاء النبي حزقيل ((إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ)) كلهم بخلقهم ورزقهم وتدبير أمورهم ((وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ)) نعمه وفضله عليهم بل يقللون فضله بالعصيان

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من244..249   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:46 pm


فسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

244


((وَ)) إذا علمتم أن الهرب من الموت لا ينفع فـ ((قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ)) ولا تهربوا خوف الموت ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ)) لأقوالكم ((عَلِيمٌ)) بنيّاتكم وأعمالكم.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

245

إن القتال بإعطاء المال والنفس في سبيل الله هدراً وإنما المقاتل والعامل للبِر، يقرض الله بما يذهب منه ثم يرجعه سبحانه إليه فـ ((مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا))، أي أيُّ شخص ذاك الذي يقرض الله وينفق نفسه وماله في سبيله قرضاً حسناً لا لرياء وسمعة ولا بمنّ وإكراه وشائر ما يشين القرض ((فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً)) ربما بلغت الملايين، وعماذا تخافون في قرض أموالكم؟ هل من الفقر؟ ((وَاللّهُ يَقْبِضُ)) فيُفقر ((وَيَبْسُطُ)) فيُغني فلا ينفعكم البخل ولا يضرّكم القرض والسخاء، أم تخافون في قرض أنفسكم لله من الموت؟ ((وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)) فيعطيكم أفضل مما أخذ منكم، قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لأحد أولاده: "أعِر الله جمجمتك" .


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

246

وهنا قصة حياة وموت أخرى تناسب القصة السابقة ((أَلَمْ تَرَ))، أي ألم تعلم -كما تقدم- ((إِلَى الْمَلإِ))، أي الجماعة ((مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى)) النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ)) هو إشموئيل وبالعربية إسماعيل ((ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا))، أي سلطاناً ((نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ))
تحت لوائه حيث أذلّهم الجبابرة وأخرجتهم من بلادهم وقتلتهم وسبيت ذراريهم
ونسائهم، وكان النبي في ذلك الزمان ينظّم أمور الدين والملك ينظّم أمور
الجيش والسلطة ((قَالَ)) النبي ((هَلْ عَسَيْتُمْ))، أي لعلكم ((إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ)) أراد بذلك أخذ العهد عليهم في المقاتلة إن عيّن لهم ملك عليهم ((قَالُواْ))، أي قال الملأ في جواب النبي ((وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ))، أي ليس بإمكاننا أن نترك القتال ((وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا)) أخرجَنا الأعداء من بلادنا ((وَأَبْنَآئِنَا))، أي أخرجنا من أبنائنا حيث قُتل بعضهم وسُبي البعض، فسأل النبي الله عن ذلك، فاستجاب الله دعائه وعيّن لهم ملكاً وكتب عليهم القتال ((فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ)) أدبروا وكرهوا القتال ((إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)) الذين فرّوا من الجهاد بعد طلب منهم وإلحاح.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

247

((وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ)) إشموئيل ((إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ)) وعيّن عليكم ((طَالُوتَ مَلِكًا))
وكان من أبناء "إبن يامين" أخي يوسف (عليه السلام) ولم يكن من سبط النبوة
ولا من سبط المملكة، فإنّ النبوة كانت في أولاد "لاوي" إبن يعقوب (عليه
السلام)، والمملكة كانت في أولاد "يهوذا" إبن يعقوب (عليه السلام) ((قَالُوَاْ أَنَّى))، أي كيف ((يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا)) ويُجعل سلطاناً وملكاً لنا ((وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ)) لأنّا من أسباط النبوة والمملكة ((وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ)) فهو فقير لا مال له ولا الملك يحتاج الى المال ليدير شؤون السلطة ((قَالَ)) النبي في جوابهم ((إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ)) والله لا يصطفي إلا من هو الأصلح بحال عباده ((وَزَادَهُ بَسْطَةً))، أي سعة وزيادة ((فِي الْعِلْمِ)) والمملكة تحتاج الى علم الملك ليتمكن به من إدارتها ((وَالْجِسْمِ))
فهو رجل سمين يهابه الناس، شجاع يخافه الأعداء وهذه الأمور هي مقومات
المُلك لا المال، فإنّ العلم والشجاعة والهيبة تأتي بالمال وليس العكس ((وَ)) ليس كونه من "إبن يامين" نقصاً فكما جعل الله المُلك في بيت "يهوذا" سابقاً يجعله في "طالوت" حالاً فإن ((اللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء)) وليس إحتكاراً على أحد ((وَاللّهُ وَاسِعٌ)) قدرة وعطاءاً فيهب المُلك لمن يشاء ((عَلِيمٌ)) بمصالح العباد فلا يجعل شيئاً إلا إذا كان صالحاً.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

248

((وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ)) إشموئيل زيادة في الدلالة على جعل الله "طالوت" ملكاً عليهم ((إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ)) وإنّ الله تعالى جعله ملكاً ((أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ))
وهو تابوت أنزله الله على أم موسى فوضعت موسى فيه حين ألقاه في البحر وكان
في بني إسرائيل يتبركون به فلما حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه
وما كان عنده من آيات النبوة وأودعه يوشع وصيه فلم يزل التابوت بينهم حتى
إستحقوا به وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات فلم يزل بنو إسرائيل في عز
وشرف ما دام التابوت بينهم فلما عملوا بالمعاصي واستخفّوا بالتابوت رفعه
الله عنهم ثم جعل ردّ التابوت عليهم دليلاً على أنه جعل الله طالوت ملكاً ((فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ)) تسكنون إليه وتعلمون أنكم منصورون بسببه ويكون دليلاً على مُلك طالوت ((وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ)) عصا موسى والألواح طست خاص بالأنبياء وأشياء أخر، فإنها وصلت بالإرث الى آل هذين النبييّن المعظّمين وهم جعلوها في التابوت ((تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ)) حملاً واقعياً أو حملاً ظاهراً بأن رأى بنو إسرائيل الملائكة بين السماء والأرض أتت بالتابوت ((إِنَّ فِي ذَلِكَ)) التابوت الذي رجع إليكم بعد فقده ((لآيَةً لَّكُمْ)) على أنّ طالوت ملك ((إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) مصدّقين، أي إن كنتم مؤمنين قلباً تصدّقون ذلك.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

249

((فَلَمَّا)) رأى بنو إسرائيل التابوت صدّقوا وإنضووا تحت لواء طالوت وتحركوا نحو الجهاد مع أعدائهم ولما ((فَصَلَ)) خرج وانفصل عن المدينة ((طَالُوتُ بِالْجُنُودِ)) الذين كانوا معه ((قَالَ))
طالوت ممتحناً للجنود حتى يتبيّن مقدار صبرهم وثباتهم على المكاره وأنهم
إن جازوا من نهر الماء عطشاً يوثق بهم في الحرب وإن لم يسمعوا ولم يتمكنوا
من الصبر على عطش قليل فهم أحرى بأن لا يصبروا أمام السيوف والرماح ((إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم)) ممتحنكم ((بِنَهَرٍ)) من ماء في طريقكم ((فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي)) ممن يتبعني ولينصرف ((وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ))، أي لم يذق طعم ذلك الماء ((فَإِنَّهُ مِنِّي)) ويتّبعني ((إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً)) واحدة ((بِيَدِهِ)) فشربها فقط لا أكثر من ذلك ((فَشَرِبُواْ مِنْهُ)) من النهر ((إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ)) الذين أطاعوا أمر طالوت فلم يشربوا إلا غرفة واحدة وهؤلاء الذين أطاعوا هم الذين إتبعوا طالوت الى الحرب أما من عصاه فلم يتبعه ((فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ))، أي جاوز طالوت النهر ((وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ)) ممن تبعه ولم يشرب الماء إلا غرفة ((قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ)) وهو رئيس الكفار ((وَجُنودِهِ)) لما رأوا من كثرتهم ((قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ))
من أصحاب طالوت، وفي قوله "يظنون" إشارة الى أن الظن بالمعاد كافٍ في
تحفيز الإنسان نحو الجهاد والأعمال الصالحة، وملاقات الله كناية عن القيامة
لأنهم يلاقون جزاء الله ((كَم مِّن فِئَةٍ))، أي جماعة ((قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ))، أي بنصره ((وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)) الذين يصبرون على المكاره ويثبتون عند ملاقات الكفار، وبهذا الكلام شجّعوا أنفسهم وأصحابهم لمقابلة جالوت وجنوده.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من250..255   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:47 pm


فسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

250


((وَلَمَّا بَرَزُواْ))، أي ظهروا في محل الحرب ((لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ)) الكثيرة ((قَالُواْ))، أي قال طالوت والمؤمنون ((رَبَّنَا أَفْرِغْ))، أي أصبب ((عَلَيْنَا صَبْرًا)) لنكون صابرين في الحرب ((وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا)) حتى لا نفر ((وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)) فاستجاب الله سبحانه دعائهم.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

251

((فَهَزَمُوهُم))، أي هزم طالوت والمؤمنون، جالوت والكافرين ((بِإِذْنِ اللّهِ)) ونصره ((وَقَتَلَ دَاوُدُ)) النبي (عليه السلام) وهو أبو سليمان (عليه السلام) ((جَالُوتَ))
رئيس الكفار فإنّ داود أخذ حصاة ورماها بالمقلاع نحو جالوت فأصابت جبهته
وكانت فيها ياقوتة فانتشرت ووصلت الى دماغه وخرّ ميّتاً وهُزم الكفار ((وَآتَاهُ))، أي أعطى ((اللّهُ)) داود (عليه السلام) ((الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ)) فصار نبيّاً وملكاً ((وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء)) من العلوم الدنيوية والأخروية ((وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ)) بأن يدفع الكافرين المفسدين بسبب المؤمنين المصلحين ((لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ)) لما يوجدون فيها من القتل والحرق والسبي والإفساد ((وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)) فيدفع الفاسد بالصالح لتبقى الأرض عامرة وينمو الزرع والضرع.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

252

((تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ))،
أي تلك التي ذُكرت من إماتة الأحياء دفعة وإحياء الموتى دفعة وتمليك طالوت
ونُصرة المؤمنين على أعدائهم دلالات الله على وجوده وقدرته وعلمه وسائر
صفاته ((نَتْلُوهَا)) نقرأها ((عَلَيْكَ)) يارسول الله ((بِالْحَقِّ))، أي بالصدق فلا كذب فيها وأُنزلت لأجل الصدق لا لأجل الباطل والكذب والغش ((وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)) حيث تخبر بهذه الأخبار عن غيب بدلالة الله لك ووحيه إياها إليك.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

253

((تِلْكَ الرُّسُلُ)) الذين أُشير إليهم في قوله: (إنك لمن المرسلين) ((فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)) فهم وإن إشتركوا في أصل الرسالة إلا أنهم مختلفون في الفضيلة ((مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ))
إياه وهو موسى (عليه السلام) وحيث أن هناك محل سؤال هل يمكن للإنسان أن
يرتقي هذا المرتقى العظيم حتى يكلّمه الله سبحانه ألمحت الآية الى ذلك
قائلة ((وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ)) لا درجة واحدة، حتى سببت تلك الرفعة أن يتمكن من مكالمة الله مباشرة ((وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ))
وإنه لمن تفنن القرآن الحكيم في التعبير حيث لم يصرّح باسم موسى وصرّح
باسم عيسى (عليه السلام) والبيّنات هي الدلالات الواضحات على نبوّته من
إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ((وَأَيَّدْنَاهُ))، أي قوّيناه فإن التأييد بمعنى التقوية ((بِرُوحِ الْقُدُسِ))،
أي روح مقدسة -كما مر سابقاً- فلم يكن إنساناً عادياً ولا خالقاً ورباً
وإنما نبي مؤيّد من عند الله سبحانه، وحيث كان هنا مجال سؤال هو أن
الأنبياء حيث أتوا بالدلالات لم يكن مجال لتشكيك الناس فيهم فكيف تقع
الحروب بين الناس حول الأنبياء إثباتاً أو نفياً أو إثباتاً لنبي دون نبي،
أتى السياق مشيراً الى جواب ذلك ((وَلَوْ شَاء اللّهُ)) بأن ألجأَ الناس واضطرهم على الإنقياد والإهتداء ((مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم))، أي من بعد الرسل، أي بعد مجيء كل واحد منهم ((مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ))، أي جاءت الناس الأدلة الواضحة ((وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ))، أي الناس ((فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ)) بالرسول ((وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ)) تكريراً للتأكيد وأن المشيئة الإلجائية لم تتعلق حول التشريع وإن تعلّقت حول التكوين ((وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ))
من إعطاء الإختيار بيد الإنسان ليؤمن من آمن عن إختيار ويكفر من كفر عن
إختيار ليثبت الجزاء والحساب وبم يذكر الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)
لأن الخطاب موجّه إليه (وإنك لمن المرسلين).


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

254

وحيث إن القتال يحتاج الى الإنفاق يزاوج القرآن الحكيم في آياته بين الأمرين كثيراً ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم)) من مختلف أنواع الرزق، ولعل عمومه يشمل مثل التعليم والشفاعة ونحوها فإن العلم والوجاهة من رزق الله سبحانه ((مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ)) حتى يشتري الإنسان نفسه بشيء فيجنّبها من عذاب الله سبحانه ((وَلاَ خُلَّةٌ))، أي صداقة فيراعي الصديق المُذنب لأجل صديقه، أو صداقة بين الله وبين أحد حتى يراعيه ويغفر ذنبه لصداقته ((وَلاَ شَفَاعَةٌ)) كشفاعات الدنيا حيث أن الشفيع ينبعث من نفسه فيشفع للمذنب، فإن هناك لا يشفعون إلا لمن إرتضى ((وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ))
فليس حرمان الكافر في ذلك اليوم لأجل الظلم من قِبَل الله سبحانه بل
الكافر هو الظالم الذي إستحق العقاب بكفره وظلمه نفسه حيث حرمها من نيل
المثوبة.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

255

((اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ)) فالأمور في يوم القيامة كلها بيده لا يُشارك فيما يفعل ولعل هذا هو وجه الإرتباط بين هذه الآية والآية السالفة ((الْحَيُّ)) الذي لا يموت فلا يمكن التخلص منه ((الْقَيُّومُ)) القائم على الأمور يعلّمها جميعاً فلا يمكن الإختفاء منه ((لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ)) وهي النوم الخفيف المسمّى بالنعاس ((وَلاَ نَوْمٌ)) وقدّم الأول تقدّمه في الخارج ((لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ)) فهو الخالق والمالك الوحيد الذي لا يشاركه أحد، والظرف هنا يتبع المظروف فليست السماوات والأرض خارجتين عن المُلكيّة ((مَن ذَا))، أي أيُّ شخص ((الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ)) يوم القيامة ((إِلاَّ بِإِذْنِهِ)) إنكاري فإنهم لا يشفعون إلا لمن إرتضى ((يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ))، أي ما يقدّمون من أعمال خير وشر وما يخلفون من بعدهم كبناء مدرسة أو مخمر يبقيان بعده ((وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ))، أي بما يعلمه من الماضي والحاضر والآتي ((إِلاَّ بِمَا شَاء))،
أي بما أراد من إطّلاع الناس عليه فإنّ علم الشخص حتى بالضروريات مما
تتعلق به مشيئة الله سبحانه فإنه هو الذي جعل الإنسان بحيث يعلم الأمور في
الجملة ((وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ))
الكرسي كناية عن السلطة والمُلكية يُقال كرسي فلان يسع العراق إذا كان
ملكاً عليها، أي إنّ سلطة الله سبحانه تشمل جميع الكون، فإنه لا يخلو من
سماء وأرض ((وَلاَ يَؤُودُهُ))، أي لا يشق عليه تعالى، من آده يأده، إذا أثقله وجهده ((حِفْظُهُمَا))، أي حفظ السماوات والأرض بالتربية والتنمية والإصلاح ((وَهُوَ الْعَلِيُّ))، أي الرفيع مقاماً ((الْعَظِيمُ)) الشأن.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من256..260   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:48 pm


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

256


((لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)) فإنّ الله لم يُلجأ الخلق الى إعتناق الدين بل جعل فيهم الإختيار والإرادة فإن شاؤوا دانوا وإن لم يشاؤوا لم يدينوا ((قَد تَّبَيَّنَ))، أي وضح ((الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ))، أي الهداية من الضلالة والإيمان من الكفر والحق من الباطل ((فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ)) وهو كل ما يُعبد من دون الله ((وَيُؤْمِن بِاللّهِ)) وحده، وقدّم نفي الكفر لأن النفي مقدّم على الإثبات كما قدّم في كلمة (لا إله إلا الله) ((فَقَدِ اسْتَمْسَكَ))، أي تمسّك واعتصم وأخذ ((بِالْعُرْوَةِ)) وهي المسكة لمثل الكوز ((الْوُثْقَىَ))، أي الوثيقة التي لا تنفصل فقد شبّه الخير بإناء للسقي أو الطعام له عروة فالإيمان بالله عروة وثقى للخير لأنه ((لاَ انفِصَامَ لَهَا))
ولا إنقطاع بل يدوم الإستفادة من الخير بسبب الإيمان في الدنيا والآخرة
بينما الإيمان بالطاغوت عروة واهية تنفصم إذا فارق الإنسان الحياة الدنيا
ينقطع الخير الذي يناله الإنسان -فرضاً- بسبب الكفر ((وَاللّهُ سَمِيعٌ)) لأقوالكم ((عَلِيمٌ)) بنيّتكم وأعمالكم.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

257

((اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ)) يلي أمورهم وينصرهم ويُعينهم ((يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ)) ظلمات الحياة ومشاكلها، من ظلمة العقيدة، وظلمة القول، وظلمة الدنيا كلها ((إِلَى النُّوُرِ)) نور الهداية، ونور الآخرة ((وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ))،
أي إن جنس الطاغوت يكون أولياء يكون أولياء لهم، فإن الطواغيت من الجن
والإنس يتولّون أمورهم وضلالهم وحيث أن الطاغوت أُريد به الجنس جاز الإتيان
بصيغة الجمع في "أوليائهم" صفة له ((يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ)) الكامن في فطرتهم، ومن نور الدنيا ((إِلَى الظُّلُمَاتِ)) ظلمات الكفر والضلال في الدنيا، وعذاب الله في الآخرة ((أُوْلَئِكَ)) الذين كفروا ((أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) الى الأبد فلا منجي لهم ولا مخلّص.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

258

سبق الحديث عن الإيمان والكفر، فلتناسب المقام قصة حوار حول هذا الموضوع بين إبراهيم (عليه السلام ) ونمرود ((أَلَمْ تَرَ))، أي ألم تعلم، وقد تقدّم أن هذه العبارة تذكر لإفادة العلم ((إِلَى الَّذِي حَآجَّ)) من المُحاجّة بمعنى المجادلة والمخاصمة ((إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ))، أي في باب رب إبراهيم (عليه السلام) الذي كان يعبده، أو رب الذي حاجّ وإن كان الأول أقرب ((أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ))،
أي حيث أنّ الله أعطى نمرود المُلك والسلطة بطر فأنكر وجود الخالق وجعل
يجادل نبيّه إبراهيم (عليه السلام) حول وجود الله سبحانه فقد قابل الإحسان
بالإساءة ((إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ))
في جواب نمرود حيث قال له: مَن ربُّك؟، والمراد بالإحياء إحياء الجماد
فإنّ كلّ حي أصله التراب والماء إذ التراب بسبب الماء ينقلب عشباً والعِشب
ينقلب نطفة إنساناً أو حيواناً ((قَالَ)) نمرود ((أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ))
فأخرج نفرين من حبسه وضرب عنق أحدهما وأطلق الآخر وكان هذا مغالطة من
نمرود إلا إنّ إبراهيم (عليه السلام) أراد أن يلزمه بحجّة لا يتمكن حتى من
المغالطة فيها فـ ((قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ)) هكذا يظهر للأبصار سواءً دارت هي أو دارت الأرض كما يقوله بعض علماء الفلك ((فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ)) إن كُنتَ إلهاً خالقاً ((فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ))، أي تحيّر نمرود ولم يحر جواباً ((وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)) الذين ظلموا أنفسهم بتعاميهم عن الحق فإنه سبحانه لا يلطف لطفه الخاص بمثل هؤلاء وإن أتمّ عليهم الحجة وأراهم الطريق.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

259

((أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ))،
أي ألم ترالى الذي مرّ على قرية، والمعنى إن شئت فانظر الى الذي حاجّ وإن
شئت فانظر الى الذي مرّ على قرية وهو عُزير النبي (عليه السلام) أو أرميا ((وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا))، أي ساقطة حيطانها على سقوفها وأهلها موتى والسباع تأكل الجيف ففكر في نفسه ساعة ((قَالَ أَنَّىَ))، أي كيف ((يُحْيِي هَذِهِ)) الأموات ((اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا)) وكان ذلك منه تعجباً لا إنكاراً ((فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ)) حتى بلي ونخرت عظامه ((ثُمَّ بَعَثَهُ)) أحياه كما كان ((قَالَ)) الله سبحانه له بإيجاد صوت في الجو ((كَمْ لَبِثْتَ)) في مبيتك ومنامك ((قَالَ)) النبي ((لَبِثْتُ يَوْمًا)) ثم نظر فإذا هو نام صباحاً والآن قبل غروب الشمس فأضرب قائلاً ((أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ)) الله سبحانه ((بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ))
وقد كان معه طعام وشراب وحمار، فكان الطعام والشراب باقيين كما هما وكان
الحمار قد مات وتفرقت عظامه ونخرت دلالة على كمال قدرة الله سبحانه ((فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ)) لم تغيّره السنون، والإتيان بلفظ المفرد باعتبار كل واحد منهما ((وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ)) كيف مات ونخرت عظامه ((وَلِنَجْعَلَكَ)) أيها الرسول ((آيَةً لِّلنَّاسِ))، أي حُجّة حيث أحييناك بعد مائة عام حتى يعرف الناس أنّ الله قادر على بعث الأموات ((وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ)) لحمارك المتفتتة ((كَيْفَ نُنشِزُهَا))، أي كيف نرفع بعضها الى بعض لنركّب منها الهيكل العظمي للحمار ((ثُمَّ نَكْسُوهَا))، أي نلبس العظام ((لَحْمًا)) حتى يستوي حماراً حيّاً ((فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ))، أي وضح له إحياء الأموات عياناً ((قَالَ)) النبي ((أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))، أي علماً عيانياً وإلا فقد كان يعلم ذلك قبل السؤال.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

260

((وَ)) اذكر يارسول الله ((إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى))
فإنه (عليه السلام) رأى جيفة تمزّقها السباع فيأكل منها سباع البر وسباع
الهواء ودواب البحر فسأل الله إبراهيم فقال: يارب قد علمت أنك تجمعها من
بطون السباع والطير ودواب البر فأرني كيف تحييها لأُعاين ذلك ((قَالَ)) الله سبحانه ((أَوَلَمْ تُؤْمِن)) على نحو إستفهام التقرير، ليقول آمنت، كقوله: "ألستم خير من ركب المطايا" ((قَالَ)) إبراهيم (عليه السلام) ((بَلَى)) أنا مؤمن ((وَلَكِن)) أسأل ذلك ((لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي))
ويكون يقيني عين اليقين فإن الإنسان الذي يعلم أن النار -مثلاً- حارة،
يسمى ذلك علم اليقين، فإذا رآها سمّي حق اليقين، فإذا أدخل يده فيها
فاحترقت سمّي عين اليقين، وورد أنه (عليه السلام) علم أنّ الله يتخذ عبداً
له خليلاً إذا سأله إحياء الموتى أحياها فأراد أن يطمئن أنه هو ((قَالَ)) الله سبحانه ((فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ)) الطاووس والحمام والغراب والديك فاذبحهنّ وقطّعهنّ واخلطهنّ بعضاّ ببعض ((فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ))
من صرته بمعنى قطعته و(إليك) إنما هو من مستلزمات القطع، فإنّ الإنسان إذا
أراد أن يقطع شيئاً قطعاً جيداً ويخلطه لابد وأن يجذبه إليه ولعله كناية
عن القطع الجيد والتخليط البالغ ((ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ)) من عشرة جبال ((مِّنْهُنَّ جُزْءًا)) وإنما ذلك يدل على أن الأجزاء الميتة تجتمع من محلات متباعدة وقت الحشر ((ثُمَّ ادْعُهُنَّ)) بأن تأخذ بمنقار كل واحد من الطيور الأربعة في يدك وتدعوه باسمك ((يَأْتِينَكَ)) يجتمع الأجزاء من الجبال ((سَعْيًا)) مسرعات ((وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ)) لا يمتنع عليه شيء ((حَكِيمٌ))
فيما يفعل فلا يفعل شيئاً إعتباطاً وعبثاً، ففعل إبراهيم (عليه السلام)
ذلك فتطايرت الأجزاء بعضها الى بعض حتى استوت الأبدان وجاء كل بدن حتى نظم
الى رقبته ورأسه فأطلقها إبراهيم (عليه السلام) فطرن فالتقطن الحب وشربن
الماء ثم دعون لإبراهيم (عليه السلام).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من261..266   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:49 pm


فسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

261


تقدّم
الكلام في الآيات السابقة عن من يقرض الله قرضاً حسناً، ثم تخلّل الكلام
دليل التوحيد والرسالة والمعاد والآن يرجع السياق الى الإنفاق ((مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ)) لا رياءً أو سمعة وشهرة ونحوها ((كَمَثَلِ حَبَّةٍ)) من الحنطة أو الشعير أو نحوهما ((أَنبَتَتْ))، أي أخرجت ((سَبْعَ سَنَابِلَ)) جمع سنبلة وهي مجمع الحبّات ((فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ)) فتكون النفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف ((وَاللّهُ يُضَاعِفُ))، أي يزيد كل سبعمائة ((لِمَن يَشَاء)) من عباده من المنفقين ((وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) يسع علمه وقدرته يعلم المنفق والإنفاق، وقد مثّل الإنفاق بهذا ليكون أوقع في النفس وأكثر في التأثير والتشويق.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

262

ثم ذكر شرطاً آخر للإنفاق المثمر الموجب للأجر بقوله تعالى ((الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ))، أي لا يعقبون ((مَا أَنفَقُواُ مَنًّا)) على المعطى له بأن يمنّ عليه في إنفاقه كأن يقول له أني أعطيتك فكُن شاكراً ((وَلاَ أَذًى)) بأن يؤذي المعطى له كأن يقول: إبتليت بفلان الفقير ((لَّهُمْ أَجْرُهُمْ)) وجزاء إنفاقهم ((عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ)) من العذاب لأن من ينفق هكذا يكون مخلصاً في جميع أعماله أو لا خوف عليهم من فوت الأجر ((وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)) وهو يحتمل الأمرين مثل "لا خوف".


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

263

((قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ)) بأن يرد به السائل نحو: "الله يعطيك" ((وَمَغْفِرَةٌ))، أي تجاوز عن السائل فيما إذا أساء ((خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى)) لأن الصدقة كذلك تجرح قلب السائل دونهما، ولأنها تتبع العقاب، لأن هكذا صدقة محرمة، بخلافهما ((وَاللّهُ غَنِيٌّ)) فلا يحتاج الى صدقاتكم أيها المعطون، وإنما أنتم تحتاجون إليها، فحثّ الله بالإنفاق لكم لا له ((حَلِيمٌ)) عن عقابكم بسبب صدقاتكم التي تتبع الأذى.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

264

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ)) على السائل ((وَالأذَى))
له فإنّ فيها إبطالاً للصدقة من حيث الثواب فلا ثواب لها إبطالاً لها عن
العُرف لأن مثل هذه الصدقة لا تُحسب جميلاً وإنما قبيحاً بشعاً، فإنّ من
يُبطل صدقته بالمنّ والأذى فهو ((كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ)) لأجل أن يراه الناس فيمدحوه ((وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)) بأن يكون الداعي له الى التصدّق أمر الله سبحانه أو ثواب الآخرة ((فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا))
الصفوان: الحجر الأملس، والوابل: المطر الشديد الوقع، والصلد من الأرض ما
لا ينبت شيئاً لصلابته، فإنّ الإنسان الكافر كالحجر الصلب الذي لا يُرجى
منه خير، وما يتحفّظ به ظواهره بمنزلة تراب على الحجر يظن الناس أنه محل
قابل للنبت والصدقة التي يرائي بها كالمطر الشديد، فإنه إذا نزل بأرض صالحة
كان مبعث الخير والنبات لكنه إذا نزل على الحجر المغطّى بالتراب إزال
ترابه وأظهر صلادته وعدم قبوله لأي إنبات وعشب، وكذلك الكافر الذي يظن به
الناس بعض الخير إذا أنفق رياءً ظهر على الناس حقيقته المنحرفة فتكون
الصدقة -التي هي بذاتها سبب الخير والرحمة- مُعرّية لحقيقة الكافر البشعة،
ومن ناحية أخرى أنها توجب سخط الله عليه أكثر من ذي بل فتكون مذهبة لما يظن
أنها حسنة له من بعض أعماله الخيرية السابقة ((لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ)) من مكاسبهم السابقة لأن الصدقة برياء ذهب بها كما أن المطر يذهب بالتراب فلا يمكن إرجاعه وجمعه ((وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)) فلا يلطف بهم اللطف الخاص لأنهم أسقطوا أنفسهم عن القابلية لجحودهم بعد أن عرفوا الحق.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

265

((وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ))، أي لأجل طلب رضى الله سبحانه ((وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ))،
أي الأجل تثبيت أعمالهم الحسنة وتركيزها، تثبيتاً ناشئاً من أنفسهم
فأنفسهم هي التي توصي بذلك، لا كالمرائي الذي يحمله على الصدقة رؤية الناس،
فهذه الجملة "من أنفسهم" مقابل جملة (رئاء الناس) في الآية السابقة ((كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ))، أي بستان في مرتفع ((أَصَابَهَا وَابِلٌ)) مطر غزير ((فَآتَتْ))، أي أعطت ((أُكُلَهَا)) وثمرها ((ضِعْفَيْنِ))
فإنّ الإنسان المؤمن كالبستان الواقع في مرتفع حيث أنه يزهو للناس ويكون
أقرب الى الإستفادة من الهواء والشمس والمطر، فإنّ المؤمن أقرب الى الخير
فإذا تصدّق تكون صدقته كالمطر الذي إذا نزل بالبستان يوجب نمو ثمارها
وإزدهار أشجارها ((فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ)) مطر غزير ((فَــ‏)) يكفي لأمارها وأنضارها ((طَلٌّ)) رذاذ من المطر قليل ((وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)) فيجازيكم على أعمالكم إن رياءً وإن قُربة.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

266

ولما مثّل سبحانه لصدقة كلّ من المؤمن والكافر، مثّل لصدقة المؤمن الذي يمنّ بصدقته فيُبطلها ((أَيَوَدُّ))، أي هل يجب ((أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ))، أي تحت أشجارها ((لَهُ فِيهَا))، أي في تلك الجنة ((مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ))، أي الشيخوخة ((وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء)) عاجزون عن كسب المأكل والملبس ((فَأَصَابَهَا))، أي أصاب الجنة ((إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ))
كلا! لا يحب أحد ذلك أنه في أشد أوقات حاجته، فهل يرضى إصابة النار بأثمن
ما يملك؟، إنّ مثل من ينفق عن إيمان وإعتقاد مثل تلك الجنة، فإذا إمتنّ بعد
ذلك أو آذى السائل يكون ذلك ناراً يحرق جنته في أشد أوقات حاجته، فإنّ
الإنسان في أشد الحاجة الى خيره في الآخرة، فإذا إمتنّ بقي صفر اليدين هناك
((كَذَلِكَ))، أي كهذا البيان الذي بيّن أمر الصدقة وغيرها ((يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ)) بضرب الأمثال والمشوّقات ((لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ)) فتستقيموا على الصراط المستقيم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من267..274   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:51 pm


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

267


((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ)) طيباً واقعياً بكونه حلالاً وظاهرياً بكونه جيداً ((وَمِن)) طيبات ((مَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ))، أي طيب مكسبكم وطيب ثماركم، فلا تنفقوا من الرباء ولا من الماء الآجن ولا من حشف الثمر -مثلاً- ((وَلاَ تَيَمَّمُواْ))، أي لا تقصدوا ((الْخَبِيثَ)) الحرام الرديء ((مِنْهُ تُنفِقُونَ)) للناس ((وَ)) الحال أنكم ((لَسْتُم بِآخِذِيهِ)) فإن أراد أحد إعطائكم من ذلك ما كنتم تأخذونه ((إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ))،
أي تغمضوا عيونكم كراهة له، فإنّ الإنسان إذا إستبشع شيئاً غمض عينه حتى
لا يراه، فكيف تنفقون مثل هذا الشيء الذي إذا أردتم أخذه غمضتم عينكم
إستبشاعاً له ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ)) عن صدقاتكم فلا يأخذ إلا الطيب ولا يقبل إلا الحسن ((حَمِيدٌ))،
أي مستحق للحمد على نعمه ومن حمده أن يعطي الإنسان الشيء الطيب في سبيله،
فإن الإنسان إذا أرادتقدير شخص دفع إليه أحسن ما يتمكن لا أن يدفع إليه
الرديء الخبيث.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

268

((الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ)) إذا أردتم الإنفاق في سبيل الله ((وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء)) إذا أردتم الإنفاق يقول لكم أنفقوا من الرديء الخبيث، وهو قسم من الفحشاء، أو المراد به الأعمال القبيحة مطلقاً ((وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ)) فإنه يغفر ذنوبكم بسبب الصدقة وسائر المبرّات ((وَفَضْلاً)) فيخلف ما أنفقتموه ((وَاللّهُ وَاسِعٌ)) ليس ضيّق المقدرة حتى لا يتمكن من التعويض ((عَلِيمٌ)) بما تعطون فيُجازيكم بالحسن حُسناً وبالسيّء سيئاً.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

269

إن الإنفاق في سبيل الله من الطيب بلا رياء ولا منّ ولا أذى من الحكمة التي هي وضع الأشياء موضعها اللائق به والله سبحانه ((يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء)) ممن اه قابلية بما سبق أن أخذ الشريعة ((وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا)) وأيّ خير أعظم من أن يعمر الإنسان دنياه وعقباه بأخذه بأوامر الله سبحانه وانتهاجه المنهاج المستقيم الموجب لسعادة النشأتين ((وَمَا يَذَّكَّرُ))، أي ما يتذكّر ولا يفهم ذلك ((إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ)) أصحاب العقول فإنّ صاحب العقل هو الذي يتّبع ما ينفعه ويذر ما يضرّه.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

270

((وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ)) قليلة أو كثيرة، أي أية صدقة تصدّقتم بها ((أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ))، أي ما أوجبتموه على أنفسكم لله بسبب النذر ((فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ)) فيُجازيكم عليه ويكون ذلك سبباً للإحسان الى النفس ((وَمَا لِلظَّالِمِينَ)) الذين يظلمون أنفسهم بالشُح ومنع الصدقات الواجبة وحنث النذر والمنّ والأذى والرياء في الصدقة ((مِنْ أَنصَارٍ)) ينصرونهم ويخلّصونهم من عقاب الله.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

271

((إِن تُبْدُواْ))، أي تُظهروا ((الصَّدَقَاتِ)) حين إعطائها، بأن تُعطوها جهراً -بقصد القُربة لا قصد الرياء- ((فَنِعِمَّا هِيَ))، أي فنعم الشيء الصدقة الظاهرة فإنها توجب دفع التهمة وإقتداء الناس ((وَإِن تُخْفُوهَا))، أي الصدقات ((وَتُؤْتُوهَا))، أي تُعطوها سراً ((الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ)) لأنه أقرب الى القُربة وأبعد من الرياء وأحفظ لصون ماء وجه الآخذ ((وَيُكَفِّرُ))، أي يغفر ((عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ))، أي بعض ذنوبكم بواسطة إعطاء الصدقة فإنّ صدقة السر تُطفئ غضب الرب ((وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)) فيُجازيكم على أعمالكم، فليس التصدّق سراً غائباً عن الله سبحانه بل هو بكل شيء عليم.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

272

إمتنع بعض المسلمون عن التصدّق الى غير المسلم فنزلت ((لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ)) فإنك لست مُجبوراً بأن تهديهم وإنما عليك الإرشاد والبلاغ ((وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء)) الى الصراط المستقيم، بإرائته الطريق، أو بإيصاله المطلوب ((وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ)) فإنه يعود نفعه الدنيوي والأخروي إليكم ((وَمَا تُنفِقُونَ))، أي ليس إنفاقكم ((إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ))، أي لأجله سبحانه، وأيّ شيء أحسن من أن يُنفق الإنسان في سبيل خالقه ومنعمه والمتفضّل عليه ((وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ))، أي يوفّر عليكم جزائه وثوابه ((وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ))
فتُعطون جزاء إنفاقكم كاملاً غير منقوص، فالإنفاق لأنفسكم، وثوابه يعود
عليكم، وهو في سبيل الله وما أجمل أن يُعطي الإنسان شيئاً يعود نفعه إليه
ثم يُثاب به في الآخرة، ويرضى الله سبحانه عنه بذلك.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

273

ولما بيّن سبحانه فضل الصدقة عقبه بأحسن مصارفها بقوله سبحانه ((لِلْفُقَرَاء))، أي أن النفقة لهؤلاء ((الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ))،
أي مُنعوا والذي منعهم هو أنفسهم، لأجل سبيل الله وطاعته، فقد نزلت الآية
في أصحاب الصُفّة الذين تركوا كل شيء لأجل الإسلام وأَحصروا أنفسهم للعبادة
والجهاد بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ))، أي ذهاباً فيها وعدم الإستطاعة إختيارية لا إضطرارية ((يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ))، أي يظنّهم الذي يجهل حالهم وباطن أمرهم ((أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ)) الإمتناع من السؤال فإنّ الناس إذا رأوا تعفّفهم ظنّوهم أغنياء لما عهدوا من سؤال الفقراء ((تَعْرِفُهُم))، أي تعرف أنهم فقراء ((بِسِيمَاهُمْ))، أي من وجوههم وأحوالهم الفقر عليها باد ((لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا))، أي كما هو شأن كثير من الفقراء، بمعنى أنه ليس منهم سؤال فيكون إلحافاً لا أنهم يسألون من غير إلحاف ((وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ)) كل شيء يُطلق عليه الخير من دار أو عقار أو درهم أو دينار أو غيرها ((فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ)) لا يفوته شيء فيُجازيكم جزاءً حسناً.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

274

((الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً)) بالليل سرّاً وعلانية وبالنهار سرّاً وعلانية ((فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ))
إن الآية وإن كانت عامة إلا أنها نزلت في علي (عليه السلام) حيث كانت له
أربعو دراهم فتصدّق باثنين منها نهاراً وسراً وعلانية وباثنتين ليلاً سراً
وعلانية، وقد تقدم معنى (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من275..280   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:52 pm


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

275


وحث
كانت الآيات حول الإنفاق، ناسب السياق ذكر الربا، فإنه عكس الإنفاق إذ هو
إستيلاء على أموال الناس من غير مبرر، بخلاف الإنفاق الذي هو إعطاء ماله
للناس من غير مكسب وتجارة ((الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا)) وأكله كناية عن أخذه وإن لم يتصرف فيه ((لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ))
الرجل الذي مسّه الشيطان فصُرع وتغيّر حاله ودارت عينه وزال توازن جسده
وزبد فمه إذا أراد أن يقوم لبقية ما فيه من الشعور يقوم بعض القيام بكل
إنحراف وتأرجح ثم يسقط على الأرض، وهكذا الإنسان الذي يأكل الربا حتى إعتاد
ذلك يكون أشبه شيء في عملية إنتهاب أموال الناس بمن تخبطه الشيطان الذي
يريد أن يقوم فإنّ تفكيره تفكير منحرف كتفكير المطروح وعينه تنظر بزيغ الى
أموال الناس كعين المصروع وفيه يلهج حول المال بانحراف كفم المصروع وإذا
أراد أن يقوم من كبوته ويترك الربا ويأخذ بالجادة المستقيمة حول المال لا
يلبث أن يسقط في الربا كما إعتاد من أكله ةصار الإبتزاز لمال الناس
مَلَكَتُهُ، وهذا تشبيه رائع مفزع وهكذا يكونون هؤلاء يوم القيامة، فقد روى
الإمام الصادق (عليه السلام) عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنه
قال: "لما أُسري بي الى السماء رأيت أقواماً يريد
أحدهم أن يقوم ولا يقدر عليه من عِظَم بطنه، فقلتُ: من هؤلاء ياجبرئيل؟،
فقال: هؤلاء الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه
الشيطان من المس،"
وقد ثبت في العلم أن الأرواح الشريرة قد تدخل في الإنسان فتسبب به صرعاً ((ذَلِكَ)) الأكل للربا الذي إعتادوه ((بِـ)) سبب ((أَنَّهُمْ قَالُواْ)) ليس في أكل الربا بأس فـ (( إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا)) كلاهما تعامل برضى الطرفين ((وَ)) ليس كذلك فمنطقهم غلط فقد ((أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ)) لما فيه من الفوائد ((وَحَرَّمَ الرِّبَا))
لما فيه من المضار، ويكفي أن نلمح الى ضرر واحد هو أن معطي الربا أما
ساقته الضرورة الى الإقتراض كمرض أو نحوه مما أُلجأ للإقتراض برباء فما
أقبح أن يستغل الإنسان أخيه في مثل هذا الموقع مما يجدر به أن يساعده
ويسعفه، وأما إن إقترض للتجارة وهذا لا يخلو من أحد أحوال ثلاثة، الأول: أن
يخسر، الثاني: أن لا يربح ولا يخسر وما أقبح في هاتين الصورتين أن يأخذ
صاحب المال زيادة بينما خسر العامل في الأول ولم يربح في الثاني، الثالث:
أن يربح وقد قرر الإسلام المضاربة والإشتراك في المربح فيما يُجبر المقترض
أن يدفع بمقدار خاص الى المُقرِض بينما قد ربح بمقداره وقد ربح أقل وقد ربح
أكثر ((فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ)) في تركه أخذ الربا ((فَانتَهَىَ)) وتاب ((فَلَهُ مَا سَلَفَ)) فإنّ كل ربا أكله الناس بجهالة وعدم علم بحرمته أو قبل الإسلام لا يُسترد منهم ((وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ)) سبحانه لا الى الناس حتى يقول من أعطاه الربا ردّ عليّ ما أخذت مني، أو أمره في قبول الله توبته إليه سبحانه ((وَمَنْ عَادَ)) الى الربا بعد النهي والإسلام ((فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) أبد الآبدين إلا أن يدركهم الله برحمته كما قال سبحانه (إنّ الله لا يغفر أن يُشرَك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

276

((يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا))،
أي يُنقصه ويتلفه ويهلكه فما ظن المرابي أنه سبّب زيادة أمواله يكون سبباً
لهلاكه ونقصانه فإنّ الربا يسبّب غضب الناس وسخطهم على المُرابي مما يثير
حرباً أو نهياً من الناس أو الحكومات لأمواله فيذهب الأصل والفرع ((وَيُرْبِي))، أي يُزيد ويُنمي ((الصَّدَقَاتِ))
فإنه وإن ذهب جزء من المال بالصدقة لكنها تسبّب حب الناس والتفافهم
وتعاونهم مع المتصدّق مما ينجر الى زيادة أمواله، وهذا مع الغض عن المحق
والنماء الخارجين عن الطبيعة مما يشائهما الله سبحانه بلا واسطة عادية ((وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ)) كثير الكُفر ((أَثِيمٍ))، أي مذنب وفي هذا دلالة على أن آكل الربا كفّار أثيم.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

277

((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ)) بالأصول الإعتقادية ((وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ)) بأن أتوا بالواجبات وتركوا المحرمات ((وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ)) تخصيص بعد التعميم لأهميتهما ((لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)) وقد مرّ تفسير عدم الخوف وعدم الحزن.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

278

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ)) خافوا من عقابه ((وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا))
مما كنتم تطلبونه قبل الإسلام، وقد رٌوي عن الإمام الباقر (عليه السلام)
أنه قال: "أن الوليد بن المغيرة كان يُربي في الجاهلية وقد بقي له بقايا
على ثقيف فأراد خالد بن الوليد المطالبة بها بعد أن أسلم فنزلت الآية ((إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) بالإسلام حقاً فإنّ المؤمن هو الذي يأتمر بالأوامر وينزجر بالزواجر.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

279

((فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ)) ولم تنقادوا الى هذا النهي بل أكلتم الربا بعد النهي ((فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ))،
أي اعملوا القتال مع الله ورسوله، فأكل الربا يكون كمن أعلن الحرب مع
الإله والرسول، وذلك من أفظع الجرائم، وعاقبته خسران الدين والدنيا، وحكم
آكل الربا أنه يؤدّب مرتين ثم يُقتل في الثالثةكما رُوي عن الإمام الصادق
(عليه السلام) ((وَإِن تُبْتُمْ)) ولن تأخذوا الربا ((فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ))
دون الزيادة التي حصلتموها بالربا ولا مفهوم للآية بأنهم إن لم يتوبوا
فليس لهم رأس المال، بل المراد أنّ لكم رأس المال فما تبغون بالزيادة ((لاَ تَظْلِمُونَ)) الناس بأخذ الزيادة منهم ((وَلاَ تُظْلَمُونَ)) بالنقصان من رأس المال.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

280

((وَإِن كَانَ)) فيمن تطلبون منه -ممن ذُكر أنه يرجع رأس المال- ((ذُو عُسْرَةٍ)) بأن كان رأس مالكم الذي تطلبونه عند ذي عُسرة لا يتمكن من أدائه لعُسره وضيقه ((فَـ)) اللازم ((نَظِرَةٌ)) الى إنتظار وتأخير ((إِلَى مَيْسَرَةٍ))، أي الى حال يسار المديون والجملة خبرية معناها الأمر، أي فانظروا الى وقت يساره ((وَأَن تَصَدَّقُواْ)) على المعسر بما عليه من الدَين بأن تجعلوا طلبكم صدقة له ((خَيْرٌ لَّكُمْ)) في الدنيا يجلب المحبة والبركة من الله سبحانه وفي الآخرة بالثواب الجزيل ((إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ))، أي إن كنتم تعلمون الخير من الشر وتميّزون ما ينفعكم مما يضركم لعلمتم أنّ هبة الدَين للمعسِر خير لكم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من281..282   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:54 pm


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

281


((وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ)) فلا تأكلوا الربا ولا تؤاخِذوا المعسرين، بل تصدّقوا عليهم، فإنّ إتيان الحرام موجب للعقاب والتصدّق للثواب ((ثُمَّ تُوَفَّى))، أي تُعطى وافياً ((كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ)) من خير أو شر ((وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ))
شيئاً فلا ينقص من أجورهم شيء كما لا يُزاد في عذابهم أكثر من إستحقاقهم،
ومعنى الرجوع الى الله الرجوع الى حكمه وأمره وقضائه وجزائه.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

282

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم))، أي تعاملتم بالدَين ودانَ بعضكم بعضاً في بيع أو غيره ((بِدَيْنٍ)) أما تأكيد وأما لدفع توهّم أن يكون المراد من المداينة المجازات كما قال الشاعر: ولا أنت ديّاني فتُجزيني ((إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى))، أي مدة قد سمّيت في العقد كما لو داينه الى سنة أو باعه نسيئة الى ستة أشهر مثلاً ((فَاكْتُبُوهُ))، أي أكتبوا ذلك الدَين في صك وأنه الى أية مدة لئلا يقع فيه نسيان أو جحود أو خلاف ((وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ)) كتاب الدَين ((كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ)) بالحق لا يزيد في المقدار والأجل والوصف ولا يُنقص منها ((وَلاَ يَأْبَ))، أي لا يمتنع ((كَاتِبٌ))، أي شخص كا من المتعاملين أو غيرهما ((أَنْ يَكْتُبَ)) الصك ((كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ)) بأن يبخل فلا يكتب، فالتكليف من الله سبحانه وهو في مقابل أن علّمه تعالى الكتابة والعلم فلا يُثقل أو يُبطئ أو يبخل ((فَلْيَكْتُبْ)) الكاتب ((وَلْيُمْلِلِ)) بمعنى ليملأ فإنّ الإملال والإملاء بمعنى واحد يلقي صيغة الكتابة على الكاتب ((الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ))، أي المديون حتى يقر على نفسه أولاً حتى لا يقول زائداً على الحق ثانياً فإنّ الذي له الحق لو أملى كان معرّضاً لأن يقول الزيادة ((وَلْيَتَّقِ اللّهَ)) الكاتب أو المديون ((رَبَّهُ)) فإنه رب له فكيف يخالف أمره ((وَلاَ يَبْخَسْ))، أي لا يُنقص الكاتب أو المديون ((مِنْهُ))، أي من الحق ((شَيْئًا)) أما نقص الكاتب فواضح وأما نقص المديون كان يجعل الدينار والذي هو مقابل ثوب في مقابل ثوبين ((فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا)) بحيث لم يتمكن من الإملاء ((أَوْ ضَعِيفًا)) لجنون أو كبر أو صغر أو نحوها ((أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ)) لخرس أو عذر آخر مع عدم السفاهة والضعف ((فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ))ن أي ولي مَن عليه الحق ((بِالْعَدْلِ)) بلا إفراط أو تفريط ((وَاسْتَشْهِدُواْ))، أي أطلبوا شهادة ((شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ)) على المكتوب لينفع ذلك عند الترافع والمخاصمة لدى التخالف ولعل قيد "من رجالكم" لإخراج الكفار ((فَإِن لَّمْ يَكُونَا))، أي لك يكن الشهيدان ((رَجُلَيْنِ)) لعدم حضورهما أو عدم إرادة المستشهد ((فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ)) يشهدون على الكتابة، أو فليشهد رجل وامرأتان ((مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء))
لوثاقتهم أو عدالتهم إذ لا تُقبل شهادة من عداهم لدى المخالفة والتراخ،
وإنما جُعلت المرأتان مكان رجل واحد لأن المرأة لضعف ذاكرتها كما ثبت في
العلم الحديث يتطرق إليها من النسيان ما لا يتطرق الى الرجل، ولذا قال
سبحانه ((أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا)) من الضلال، أي تخطأ وتشتبه وتنسى ((فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا)) التي لم تضل ((الأُخْرَى))
التي نسيت وضلّت، و"إن" أما بمعنى "لئلا" وتكون جملة "فتذكّر" منقطعة، أي
إن ضلّت تذكّر الثانية الأولى، وأما أصلها "إن" بالكسر صفة لأمرأتان،
والأول أقرب ((وَلاَ يَأْبَ))، أي لا يمتنع ((الشُّهَدَاء)) الذين يُراد إشهادهم للدَين -وسُمّوا شهداء بمجاز المشارفة- ((إِذَا مَا دُعُواْ)) لتحمل الشهادة وهذا أمر إيجابي أو إستحبابي، أو المراد الأعم من التحمل والأداء ((وَلاَ تَسْأَمُوْاْ))، أي لا تضجروا أيها المتداينون ((أَن تَكْتُبُوْهُ))، تكتبوا الدَين أو تكتبوا الحق ((صَغِيرًا)) كان الحق والدَين ((أَو كَبِيرًا)) وهذا تأديب لمن يترك كتابة الصغير لعدم الإهتمام به، فإن كثيراً ما يقع التنازع في الصغير ((إِلَى أَجَلِهِ))،
أي الى أجل الدَين مدته، وفيه تنبيه الى أن الكتابة تبقى الى الأجل فتنفع
هناك، أو المعنى كتابة تتضمن الى الأجل فيعيّن في المكتوب أجل الدَين ((ذَلِكُمْ)) ذلك إشارة الى الكتاب الذي يُكتب في المداينة وكم خطاب الى الذين آمنوا ((أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ))، أي أعدل، بمعنى أقرب الى العدل وإلا فليس في العدل مفاضلة حقيقية ((وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ)) فيه تقوم الشهادة التي تؤمن عن الزيادة والنقصان ((وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ))،
أي أقرب الى عدم الريب في المبلغ والأجل فالله يريده وأنتم لا تشكون،
والشهادة تستقيم بسبب الكتابة والصك وما ذُكر من الكتابة عامة لكل مكان ((إِلاَّ أَن تَكُونَ)) المعاملة -المفهوم من الكلام- ((تِجَارَةً حَاضِرَةً)) معجّلة غير مؤجّلة كغالب التجارات النقدية التي تجري في الأسواق ((تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ)) إدارة يد بيد، ومعنى الإدارة المناقَلة، فينقل هذا ماله الى ذاك وينقل ذاك عنه الى هذا ((فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ)) وحرج ((أَلاَّ تَكْتُبُوهَا)) فلا مانع من عدم كتابة التجارة النقدية إذ الكتابة للوثيقة وهنا لا يحتاج الى الوثيقة ((وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ))
فإنه يُستحب للإنسان الذي يريد المبايعة أن يأخذ الشاهد فإن المعاملة
كثيراً ما يقع من نزاع وخصام فإذا كان هناك شهادة يقلّ وطئ النزاع والآية
وإن كانت عامة لفظاً لكن لا يعد أن لا يُراد بها الإطلاق ومن المعاملات
الجزئية اليومية لعدم تعارف الإشهاد منذ زمان الرسول (صلّى الله عليه وآله
وسلّم) ((وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ))
بأن يكلّف الكاتب الكتابة ويكلّف الشاهد الشهادة في حال يكون حرجاً عليهما
وضرراً، كما تعارف الآن عند الحكومات المنحرفة فإنه يحضر الشاهد ويعنت
ويُضار فإن مضارتها زهادة للناس عن الكتابة والشهادة ((وَإِن تَفْعَلُواْ)) المضارة بها ((فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ))، أي خروج عن أمر الله سبحانه لسببكم أيها المضارون ((وَاتَّقُواْ اللّهَ)) فيما أمركم ونهاكم ((وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ)) مصالحكم فاتبعوه ((وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ))
وأنتم لا تعلمون وما أجدر بالجاهل أن يتّبع العالِم، عن علي بن إبراهيم أن
في سورة البقرة خمسمائة حُكم وفي هذه الآية الكريمة وحدها خمسة عشر حكماً
والآية كما تقرر في العلم الحديث من أعجب الآيات في باب المعاملة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس الرموش
Super
Super
همس الرموش


عدد المساهمات : 211
نقاط : 128870
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان..البقرة..من283..286   تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة ) - صفحة 2 Emptyالأحد مايو 01, 2011 2:55 pm


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

283


((وَإِن كُنتُمْ)) أيها المتداينون المتابعون ((عَلَى سَفَرٍ))، أي مسافرين والتعبير بلفظ "على" لركوب المسافر غالباً ((وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا)) يكتب الدَين والمعاملة ((فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ)) تقوم مقام الصك ورهان جمع رهن، وهو إسم للوثيقة ولذا جائت الصفة بالتأنيث والقبض شرط في صحة الرهن، ولذا وصفه بالقبض ((فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم)) وهو صاحب الحق ((بَعْضًا)) وهو من عليه الحق بأن وثق به وأنه يؤدي الدَين بدون صك ولا رهن فأعطاه الدَين مجرداً عن اللأمرين ((فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ))، أي المديون ((أَمَانَتَهُ)) فلا ينكر ولا يمطل، كفاءً لما رآه أهلاً ((وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ)) فإن الله شهيد ويجازي فإن أنكر أو مطل أو بخس كان معرّضاً نفسه لهقوبة الله سبحانه ((وَلاَ تَكْتُمُواْ)) أيها الشهود ((الشَّهَادَةَ)) التي تحملتموها ((وَمَن يَكْتُمْهَا))، أي يخفي الشهادة فلا يحضر لأدائها أو يؤديها على خلاف الواقع ((فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ)) فقد عزم القلب على الكتمان وإطاعته الجوارح واللسان ولأن الكتمان أنسب الى القلب لكونه في محل مكتوم ((وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ)) من إخفاء الشهادة وإبدائها ((عَلِيمٌ)) فلا تفعلوا ما يوجب عقابه وسخطه.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

284

((لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ)) فما تعطونه من الأملاك ليست لكم إلا مجازاً وإنما هي ملك له سبحانه فاعملوا فيها حسب ما أمركم ولا تخالفوا أمر المالك الحقيقي ((وَإِن تُبْدُواْ))، أي تُظهروا ((مَا فِي أَنفُسِكُمْ)) بما تعلمونه ويخفى على غيركم ((أَوْ تُخْفُوهُ)) فتكتموه ((يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ))
فإنّ جميع الأعمال والأقوال والأفكار تحت المحاسبة، أو إنّ الإبداء
والإخفاء لما في النفس محسوب عليهما، وهذا العموم للتناسق مع إبداء الشهادة
وكتمانها ((فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء)) حسب ما تقتضيه الحكمة البالغة فإنّ الغفران والشفاعة ليسا إعتباطاً وإنما ينصبان على المحل القابل ((وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))
من المغفرة والعقاب ولا يخفى أن العذاب على ما في النفس لا ينافي ما دلّ
على عدم العقاب، على العزم على المعصية لاختلاف المعاصي واختلاف أنواع
العقاب فإنه لا شبهة في أنّ من يعزم على المعاصي وإن لم يفعلها أبعد عن قرب
الحلال ممن لا يعزم إطلاقاً، وهذا البُعد هو نوع من العذاب أو يجمع بنحو
ذلك.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

285

وهنا
يرجع السياق الى ذكر التوحيد والنبوة والشرائع جملة في لباس أنها لا تكلّف
الناس فوق الطاقة وسؤال المغفرة والعفو لتكون فذلكة للسورة ((آمَنَ الرَّسُولُ)) محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ)) فهو أول مؤمن بما أُنزل إليه وليس كرؤساء الأديان المفتعلة والملوك والحكام الذين لا يشملهم القانون ((وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ))، أي كلّ واحد منهم ((آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ))
فليس المؤمن أن يقتنع بجانب واحد من جوانب الإسلام كما هو كثير في تابعي
الأحزاب والمبادئ حيث أن ذا النشاط المتفايض منهم يقتنع منه بجانب واحد وإن
ترك سائر الجوانب فإن لسان حال المؤمنين ((لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ))
فلسنا كاليهود الذين لا يعترفون بالمسيح ونبي الإسلام ولا كالنصارى الذين
لا يعترفون بنبي الإسلام، فلا تكون كمن يؤمن ببعض ويكفر ببعض ((وَقَالُواْ سَمِعْنَا)) آيات الله وأحكامه ((وَأَطَعْنَا)) أوامره ونواهيه لا كاليهود الذين قالوا سمعنا وعصينا يقولون ((غُفْرَانَكَ))، أي نطلب مغفرتك ((رَبَّنَا)) نعلم أنّ ((وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)) فاغفر لنا حتى نكون في ذلك اليوم سعداء.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

286

إن الأحكام التي سلفت في السورة وفي غيرها ليست مما لا يُطاق فإنه ((لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا))
فإن أوامره ونواهيه مستطاعة للمكلَّف وليس في الدين من حرج، فلا يظن أحد
أن الإيمان السابق ذكره في (والمؤمنون كلٌّ آمن بالله) يوجب مشقة وعنتاً
وإرهاقاً ((لَهَا))، أي للنفس ((مَا كَسَبَتْ)) من الحسنات فالجزاء الحسن يجزى به من أحسن ((وَعَلَيْهَا))، أي على النفس ضرر ((مَا اكْتَسَبَتْ))
من الآثام والسيئات ولعل في مجيء الكسب من بابين "كسب" و"اكتسب" إفادة أنّ
الطاعة طبيعية والمعصية تؤتي بالتكليف إذ للفظة الإكتساب ظلالاً يفيد
التعب والغضب بخلاف الكسب وتؤيده قاعدة "زيادة المبني تدل على زيادة
المعنى" وهناك يتوجه المؤمنون الى الله داعين سائلين ((رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)) لا نسيان وإنما تصح المؤاخذة فيهما لغلبة كون مقدماتهما إختيارية وما ينتهي الى الإختيار يكون بالإختيار ((رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا))، أي ثقلاً فإن بعض التكاليف قد توجب ظروفها ثقلاً وعنتاً فالمؤمن يسأل أن يجنّبه الله سبحانه مثل هذا الثقل ((كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا))
فإنهم بلجاجتهم استحقوا تحميل الثقل كما تقدّم في قصة بقرة بني إسرائيل
وكما قال سبحانه (فبظلمٍ من الذين هادوا حرّمنا عليهم طيّبات ما أُحلّت
لهم) ((رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ)) وإن كان مقدوراً لنا فإنّ عدم الطاقة ليس بمعنى عدم القدرة حتى يُقال أنّ الله لا يكلّف غير المقدور فما وجه هذا الدعاء؟ ((وَاعْفُ عَنَّا)) ذنوبنا ((وَاغْفِرْ لَنَا)) خطايانا، أي إسترها ولا تبدها ((وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا)) سيدنا والأولى بالتصرف فينا ((فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)) حتى نغلب عليهم في الحكم كما نغلب عليهم في الحجّة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(الفاتحة والبقرة )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(سورة ..عبس )
» تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(آل عمران )
» تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(سورة ..القيامة )
» تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(سورة ..الشمس )
» تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان(سورة ..الإنسان )

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سلام نيوز :: المنتدى الإسلامى العام :: الصوتيات والمرئيات الإسلامية-
انتقل الى:  
||~ أحصــآئيـآت كــآملة ~|| ?statistikleri