تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 1
|
((سَبِّحِ))، أي نزه يا رسول الله أو أيها المخاطب ((اسْمَ رَبِّكَ)) عما لا يليق به من الشرك والولد، فلا تنسب إليه شيئاً ينافي مقام الألوهية، وذكر "اسم" للتعظيم، فمن يجب أن يسبح اسمه يجب أن يسبح<ه> هو بالأولى، ((الْأَعْلَى))، أي الأرفع من كل شيء، فلا شيء أرفع منه في العلم أو القدرة أو الخلق أو الرزق أو غير ذلك من سائر صفات الذات وصفات الفعل.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 2 |
((الَّذِي خَلَقَ)) الخلق كلهم، ((فَسَوَّى)) بينهم في الأحكام والإتقان والدقة، فليس بعض الخلق متقناً وبعضه غير متقن، كما سوّى خلق كل شيء فأعطاه ما يصل به إلى الكمال اللائق به من الأجهزة والآلات.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 3 |
((وَالَّذِي قَدَّرَ))، والتقدير هو التخطيط، كما يقدر المهندس البناء فم يبنيه، ((فَهَدَى)) كل ذي روح إلى مصالحه، فهو خَلْقٌ وإعطاء أجهزة وتقدير للحياة وهداية.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 4 |
((وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى))، أي أنبت الحشيش الذي ترعاه الحيوانات من الأرض .
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 5 |
((فَجَعَلَهُ))، أي المرعى بعد الخضرة ((غُثَاء))، أي هشيماً جافاً الذي تراه فوق السيل، بمعنى المجتمع من هنا وهناك بلا علاقة وارتباط ومشابهة، ((أَحْوَى))، أي أسود بعد الخضرة، فإن الحوة بمعنى السواد.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 6 |
ومن هدايته سبحانه أنه أنزل القرآن على الرسول، وقد قال ابن العباس: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا نزل عليه جبرائيل بالوحي يقرأه مخافة أن ينساه، فكان لا يفرغ جبرائيل من آخر الوحي حتى يشرع الرسول في القراءة. فأنزل الله تعالى عليه هذه الآية، ((سَنُقْرِؤُكَ)) القرآن، أي نتلو عليك لتقرأه، ((فَلَا تَنسَى)) منه شيئاً، فقد شاءت إرادته سبحانه أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منزهاً عن النسيان، وكذلك سائر الأنبياء، أما قوله "تنسى" فهو من قبيل (إنا نسيناكم)، ولعل العمل كان تعليماً للمسلمين فيما بعد بأن يحرصوا على القرآن مثل هذا الحرص.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 7 |
((إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ)) أن تنساه، وفيه دلالة على أن عدم نسيانه إنما هو من الله سبحانه، حتى أنه إذا شاء غيره قدر عليه، قالوا: ودخول المشيئة في هذه الآية للدلالة على أن النبي مهما بلغ من العظمة فإن جميع أموره بيده الله تعالى، ((إِنَّهُ)) سبحانه ((يَعْلَمُ الْجَهْرَ)) من الكلام ((وَمَا يَخْفَى)) كالسر والنجوى، فكل ذلك من الإقراء وعدم النسيان إلا بمشيئته تابع لعلمه الواسع الذي يشمل كل شيء وبما علمه من الصلاح جعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بحيث لا ينسى، وإلا فلو كان ينسى لم يؤمَّن على التبليغ، لتطرق احتمال النسيان في كل شيء من أقواله وأفعاله.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 8 |
((وَنُيَسِّرُكَ)) يا رسول الله، أي نوفقك ((لِلْيُسْرَى))، أي الطريقة اليسرى في جميع الأمور، فإن أحكامه سبحانه توصل إلى السعادة بأيسر الطرق وأسهلها.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 9 |
((فَذَكِّرْ)) يا رسول الله الناس بما أودع فيهم من الفطرة الدالة على الألوهية والمعاد وما أشبه، ((إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى))، أي إن كان الذكر في معرض النفع ولو إتمام الحجة، أما إذا علم الرسول أن ذكره لا ينفع إطلاقاً لا في الهداية لليأس ولا في إتمام الحجة لتمام الحجة على المخاطبين سابقاً فلا لزوم للتذكير، وقيل "إن" بمعنى "قد"، أي "قد نفعت الذكرى" بمعنى قد تنفع.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 10 |
((سَيَذَّكَّرُ)) أصله "يتذكر" أدغمت التاء في الذال، وجيء بهمزة الوصل لتعذر الابتداء بالساكن، ((مَن يَخْشَى)) أي سيتعظ بالقرآن وبكلامك من يخشى عقاب الله سبحانه.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 11 |
((وَيَتَجَنَّبُهَا))، أي يبتعد عن الموعظة والذكرى ((الْأَشْقَى))، أي الأكثر شقوة، فإن الكافر المتجنب أكثر شقاء من العاصي.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 12 |
((الَّذِي يَصْلَى))، أي يدخل ويلازم ((النَّارَ الْكُبْرَى))، وهي نار جهنم.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 13 |
((ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا))، أي في تلك النار ليستريح، ((وَلَا يَحْيَى)) حياة هادئة مريحة.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 14 |
((قَدْ أَفْلَحَ))، أي فاز ونجح ((مَن تَزَكَّى))، أي تطهر باجتناب الرذائل والتحلي بالفضائل.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 15 |
((وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ))، أي تذكر الله سبحانه بقلبه، والإتيان بـ"اسم" للتعظيم، ((فَصَلَّى)) لله، أي خضع وخشع، أو أتى بالصلاة، فإنها دليل خشوع الإنسان وتذكره لله تعالى، وفي بعض الروايات أن المراد بها زكاة الفطرة وصلاة العيد، والظاهر أنها من باب المصداق، وانطباق الكلي على مصاديقه، يمكن أن يكون بعد مدة - عند وجود المصداق - فلا يقال: "كيف يصح والسورة مكية ولم يكن هناك زكاة فطرة ولا صلاة عيد؟"
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 16 |
((بَلْ)) أنتم أيها الناس لا تفعلون ذلك، وإنما ((تُؤْثِرُونَ))، أي تختارون ((الْحَيَاةَ الدُّنْيَا))، أي الحياة القريبة، وتختارونها على الآخرة فتصرفون أموالكم وأوقاتكم في ملاذها لا في الزكاة والصلاة.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 17 |
((وَالْآخِرَةُ))، أي الجنة ((خَيْرٌ)) من الدنيا،لأن نعيمها أكثر ولا يشوبها كدر، ((وَأَبْقَى)) لأنها دائمة مستمرة، بخلاف الدنيا فإنها فانية زائلة.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 18 |
((إِنَّ هَذَا)) الذي ذكر من فلاح المتزكي المصلي أو سائر ما ذكر في هذه السورة ((لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى)) فكل كتب الله المنزلة تحرض على الزكاة والصلاة وسائر الخيرات، وليس هذا بدعاً من القرآن.
|
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الأعلى | 19 |
((صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى))، وذكر هذين النبيين من المثال، وإلا فكل الأنبياء كانوا يدعون إلى التزكي والتطهر والصلاة والزكاة. |